وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الاثنين، جمادى الآخرة ١٠، ١٤٢٨

ملف// التجاهل يغيّب نازك الملائكة قبل الموت!

الأثنين 1428-06-10هـ
2007-06-25م

عروس دجلة تموت على شاطئ النيل
التجاهل يغيّب نازك الملائكة قبل الموت!



منال العويبيل - الرياض
«توفيت يوم الأربعاء بمستشفى في العاصمة المصرية الشاعرة العراقية الرائدة نازك الملائكة عن 84 عامًا إثر هبوط حاد في الدورة الدموية. بعد معاناة من أمراض الشيخوخة تدهورت على إثره صحتها. وقد شُيعت جنازتها ظهر الخميس، وتم دفنها في مقبرة خاصة بعائلتها غربي القاهرة».
هذا الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء العربية عن وفاة إحدى أعظم رائدات الشعر العربي الحديث، والتي تلاطمت بها الدنيا بين بغداد، الولايات المتحدة، الكويت، حتى وفاتها في عاصمة مصر. الخبر الذي أسقط عبارة مفادها: أن العظماء لا يقتلهم المرض بقدر ما يفعل بهم التجاهل!.
«ذهبتْ ولم يَشحَبْ لها خدٌّ
ولم ترجُفْ شفاهُ
لم تَسْمع الأبوابُ قصةَ موتها تُرْوَى وتُرْوَى
لم تَرتَفِعْ أستار نافذةٍ تسيلُ أسًى وشجوَ
التتابعَ التابوت بالتحديقِ حتى لا تراهُ
إلا بقيّةَ هيكلٍ في الدربِ تُرْعِشُه الذِّكَرْ
نبأ تعثـّر في الدروب فلم يجدْ مأوًى صداهُ
فأوَى إلى النسيانِ في بعضِ الحُفَرْ
يرثي كآبَته القَمَرْ»*1
أما قبل
كانت الشاعرة العراقية نازك الملائكة تمرُّ بأزمة صحية شديدة، وتفاقم وضعها مؤخراً لاحتياجها المتواصل إلى العلاج المكلِّف والطويل، فبادر إثر ذلك عدد من المثقفين العراقيين في وقت سابق من الشهر الماضي إلى مطالبة حكومتهم بـالمبادرة بعلاج الشاعرة، وقد ذكروا في بيان أصدروه في القاهرة: «إن الأوضاع المأساوية التي يمر بها العراق يجب ألا تُنسي الحكومة العراقية مسؤولياتها تجاه الملائكة، لقد كافحت الملائكة معاناتها وآلامها خلال هذه الفترة بعفة ونبل جديرين باسمها وباسم الأدب العراقي وباسم العراق، وحان الوقت أن يتحمل الوطن ممثلاً بحكومته مسؤوليته الأخلاقية بتبني علاج ابنة العراق البارّة نازك الملائكة ورعايتها الرعاية التي تستحقها كواحدة من أعظم أدباء العراق الحديث».
وقد وقّع البيان كلّ من: السياسي والوزير السابق أحمد الحبوبي، وسكرتير عام منظمة التضامن الأفرو-آسيوي نوري عبدالرازق، والسياسي فيصل فكري، والكاتب صلاح النصراوي، والباحث الأكاديمي سيف النصراوي.
«والريحُ تسأل من أنا
أنا روحُها الحيران أنكرني الزمانْ
أنا مثلها في لا مكان
نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ
نبقى نمرُّ ولا بقاءْ
فإذا بلغنا المُنْحَنى
خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ
فإِذا فضاءْ!»*2
وقد نتج عن ذلك البيان مبادرة رسمية تمثلت بتوجيه الرئيس العراقي جلال طالباني، ورئيس وزرائه نوري المالكي، بمتابعة الحالة الصحية للشاعرة. حيث دعا طالباني المسئولين العراقيين في القاهرة إلى إجراء اتصالات عاجلة للاطمئنان على صحة الشاعرة، مؤكداً أنها صرح شامخ في الثقافة العراقية والعربية والعالمية، بحسب تقرير نشرته صحيفة «الصباح» العراقية السبت 8/6/2007م.
موتها السابق !
اختارت الشاعرة نازك الملائكة بمعية عائلتها الانتقال لمدينة القاهرة في منتصف التسعينات الميلادية بعد قضائها فترة طويلة من التدريس في جامعة البصرة والكويت (خاصة بعد تدهور العلاقات السياسية والمعيشية إثر الغزو العراقي للكويت، وظروف الحصار الدولي الذي فُرض على العراق)، فولجت الشاعرة مصر بهدوءٍ نأت فيه عن الحياة العامة والإعلام، خاصة بعدما شقّت عليها ظروفها الصحية المتأزمة مزاولة النشاطات المتوقعة من رائدة بقامتها الشعرية والثقافية.
«أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ
يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف
أو لا تُبْصرُ? عينانا ذبـولٌ وبـرودٌ
أوَلا تسمعُ? قلبانا انطفاءٌ وخُمـودُ
صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ
ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُغُربَاءْ»*3
إلا أنّ القشّة التي قصمت ظهر البعير أتت إثر وفاة زوجها «عبدالهادي محبوبة» العام 2001م، ورثته بقصيدة حرّى حملت عنوان (أنا وحدي) كانت آخر قصائدها المنشورة، حيث دخلت الشاعرة في حالة من الاكتئاب والعزلة شبه التامة، مما حدا بترديد بعض الصحف أخبارا تُفيد عن وفاتها رغم أنّها ما زالت على قيد الحياة.
جيناتها الشعرية
بينما تتوارث الأسر عادة بعض الملامح أو الطباع توارثت أسرة «الملائكة» الشعرَ، حيث تفتحت عينا نازك في كنف عائلة أدبية معروفة، حيث كان أبوها «صادق الملائكة» شاعراً كبيراً وخلّفَ مؤلفات كان أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلداً، وكذلك أمها «سلمى عبد الرزاق» التي كانت شاعرة معروفة في الأوساط العراقية، وأصدرت ديوان شعر في الثلاثينيات، أسمته «أنشودة المجد» ، إلا أنها آثرت توقيعه بكنيتها «أم نزار الملائكة» ، نسبةً للابن الأكبر الذي بالمناسبة كانت له صولاته الشعرية، إلى أن استقر به المطاف في مدينة لندن.
وعلى صعيد الأقارب أيضاً نجد أنّ خاليها «جميل» و»عبدالصاحب» كذلك من الشعراء المعروفين في المشهد الشعري العراقي. وصولاً بقريبتها «ريم قيس كبه» التي بثت خبر وفاتها لوكالة رويتر العالمية.بيتٌ تسكنُه الملائكةكثيراً ما يستغرب الذي يتعرَّف على اسم الشاعرة «نازك الملائكة» تركيب الاسم الذي يوحي بكونه مستعاراً لأغراض شعرية، خاصة ممن لا يعرف خلفية عائلتها الشعرية.
وحقيقة الأمر أنّ لقب «الملائكة» أطلقه بعض الجيران على عائلة الشاعرة بسبب ما كان يسود البيت من هدوء، حيث يتناقل من يعرفهم طرفة مفادها: «أن لديهم بيتاً تسكنه الملائكة» ، ثم شاع اللقب الذي حملته الأجيال التالية من العائلة حتى الآن.من غضّ العود إلى اشتداد الشعرلقد وفَّر الوضع الأسري الميسور للشاعرة مناخاً خلاقاً، كما تهيأت لها مناهل الثقافة من أوسع أبوابه، فقضت سنوات صباها مع أسرتها الأدبية الممتدة، وتفتحت لديها الموهبة مبكراً متجهة منذ صغرها إلى دراسة الأدب القديم والنهل منه، واستفاضت في دراسة النحو وعيون التراث العربي اللغوي والأدبي، كما كانت شديدة النهم للقراءة، حيث تحكي عن نفسها أنها كانت تشعر بشيء من الرهبة إذا لم تقرأ ثماني ساعات يوميا.
بعد سنوات التعليم الإلزامي التحقت الشاعرة بدار المعلمين العالية، وتخرجت منها سنة 1944م، كما درست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة، وتعلمت العزف على آلة العود عام 1949م.ومن ثمَّ توجهت للولايات المتحدة التي نالت فيها درجة الماجستير في الأدب المقارن عام 1950م من جامعة وسكنسن، ومن ثم حرصت على إجادة اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية، ومن ثم عادت عام 1954 مرة أخرى للولايات المتحدة لدراسة الدكتوراه ضمن البعثة التي أوفدتها الجامعة العراقية، فتسنى لها الاطلاع على الأدب الفرنسي والصيني والألماني والهندي.
وبعد عودتها للعراق عملت بكلية التربية ببغداد سنة 1957م، وفي العام التالي رحبت الشاعرة عبر قصائدها بثورة رئيس الوزراء العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم عام 1958م، لكنها ما لبثت أن اضطرت لترك العراق، وقضت في بيروت عاماً كاملاً؛ خوفاً من تفشي العنف الثوري في تلك المرحلة، وفيما بعد وصفت قاسم بالرجل الذي «استهوته شهوة الحكم» .
بعد ذلك انتقلت إلى جامعة البصرة، وتزوجت في عام 1964م من الأستاذ الدكتور «عبد الهادي محبوبة» رئيس جامعة البصرة. ومن ثم رحلت بمعيته إلى الكويت، وعملا بالتدريس في جامعة الكويت، وإثر إصابتها بمرض عضال منحتها الجامعة عام 1985م إجازة تفرغ للعلاج، ثم عادت إلى العراق، ومنها إلى القاهرة لتكمل علاجها الطبي نظراً لنقص الأدوية في العراق بسبب الحصار الأميركي، واتخذت نازك وزوجها وابنها الوحيد الدكتور «براق» القاهرة مكاناً لاستقرارهم.
ريادة شعرية ومآرب أُخر
تعد نازك من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودي التقليدي، وجددوا في شكل القصيدة بالاتجاه لشعر التفعيلة متخلين عن القافية. تقول نازك في أحد مؤلفاتها: «كانت بداية حركة الشعر الحر سنة 1947م، ومن العراق، بل من بغداد نفسها، زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله وكادت، بسبب تطرف الذين استجابوا لها، تجرف أساليب شعرنا العربي الأخرى جميعاً، وكانت أول قصيدة حرة الوزن تُنشر قصيدتي المعنونة «الكوليرا» وهي من الوزن المتدارك ( الخبب).»*4
وقد حاولت نازك بشكلٍ أساسي دحضَ ما يُنْسَب إلى الشاعر بدر شاكر السياب من أمر ريادة الشعر الحُر، انطلاقاً من أنه نشر قصيدة في ديوانه الأول (أزهار ذابلة) الذي صدر قبل ديوان نازك (شظايا ورماد) الذي يتضمن قصيدة الكوليرا بسنتين كاملتين. وفي ردّها على «ادّعاءات» السيّاب تقول نازك في رسالة بعثت بها إلى الأديب الأردني عيسى الناعوري مؤسس مجلة (القلم الجديد) بتاريخ 16/11/1953م: «ولكن الزميل (تقصد السيّاب) سامحه الله على كل حال، ينسى أن القصائد كثيراً ما تُنشَر في الصحف قبل جمعها في دواوين مطبوعة. وهو لا يعلم على الإطلاق أن قصيدتي الحرة الوزن (الكوليرا) المنشورة في (شظايا ورماد) قد نُشرت في عدد كانون الأول 1947م في بيروت في مجلة (العروبة)، وأنني كنت قبل ذلك بشهرين قد أرسلتها إلى أديب صديق في لبنان أستطلع رأيه في هذا الأسلوب الجديد الذي وُفّقت إليه، وأنا أحاول _في جهدٍ نفسيٍّ منفعل_ التعبيرَ عن إحساسي تجاه الآلاف من الموتى الذين قضى عليهم داء الكوليرا الذي تفشّى في مصر آنذاك».
وتضيف: «وإذا علمتَ أيها الأخ، أن ديوان بدر شاكر السياب (أزهار ذابلة) قد صدر في النصف الثاني من كانون الأول 1947م، وأنه أول أثر مطبوع له، أدركتَ ماذا عليك أن تسمّي دعواه هذه التي ليس في تاريخي الأدبي كلّه منذ سنة 1941م ما يؤيد إمكان حدوثها»*5
تقول في مطلع نص الكوليرا:
« سكَن الليلُ أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ في عُمْق الظلمةِ,
تحتَ الصمتِ,
على الأمواتْ صَرخَاتٌ تعلو,
تضطربُ حزنٌ يتدفقُ,
يلتهبُ يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كل فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ »*6
وهو بالمناسبة النص الوحيد الذي تضمّنته مقررات النصوص والأدب في المراحل الإلزامية محلياً في تنويهٍ عن ريادة الشاعرة للشعر الحُر الحديث.
يقول الشاعر حامد بن عقيل في رثائها الموشوم بكوليراها: «نازك روحٌ منعزلةٌ.. الشعراء هم العزلة، والقصائد هي أنفاسهم التي تسير بين الناس. ستبقى ما بقي الشِعر، ليس لأنها شاعرة مُجيدة فحسب، ولكن لأن لها بصمتها. ستترك كوليرا متمددة في جزء من الجسد الشعري العربي.. تركت من قبلُ كوليرا تهدي وعيها إلى الغد في الصياغة والأسلوب وفي المعنى».
وعلى صعيد المؤلفات الشعرية صدر للشاعرة ديوانها الأول (عاشقة الليل) عام 1947م، وديوان (شظايا ورماد) 1949م، و(قرارة الموجة) 1957م، و(شجرة القمر) 1968م، (مأساة الحياة وأغنية للإنسان) 1977م، (للصلاة والثورة صدر) 1978م، (يغير ألوانه البحر)، إلى جانب مجلَّدي أعمالها الكاملة.وإلى جانب إبداعها الشعري كان لنازك مساجلات نقدية، وفي نقد النقد، وعلم الاجتماع، منها: (قضايا الشعر المعاصر)، و(الأدب والغزو الفكري)، و(محاضرات في شعر علي محمود طه)، و(سيكولوجيا الشعر)، و(التجزيئية في المجتمع العربي)، و(الصومعة والشرفة الحمراء). وقد حصلت «نازك الملائكة» على عدد من الجوائز الأدبية، منها: جائزة الإبداع العراقي 1992م، وجائزة البابطين للشعر 1996م. كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26 مايو 1999م احتفالاً لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي، وشارك في الاحتفال الذي لم تشهده نازك الملائكة لظروفها الصحية شعراء ونقاد مصريون وعرب بارزون، إضافة إلى زوجها د.عبدالهادي محبوبة.
نازك الملائكة درامياً
كان أن صرّح المؤلف العراقي ناظم السعود نهاية العام 2004م عبر مجلة (الصوت الآخر) العراقية عن إطلاق مسلسل درامي هو الأول من نوعه عن حياة رائدة الشعر العربي المعاصر نازك الملائكة، كمشروع درامي تم تأجيله لأربعة أعوام سبقت الإعلان، ويهدف إلى إضاءة حياة وسيرة الشاعرة الرائدة، ونضالها العصيب في الحياة والأدب والمرض، عبر تقديم محاولة درامية لاقتباس محطات سريعة من حياة الملائكة، كتب منها المؤلف جزأين بستين حلقة إذاعية، وكان من المفترض أن يُكتب جزء ثالثا، إلا أن الشركة المنتجة (سميراميس) اقترحت إكمال المسلسل لاحقاً، ثم مر الوقت والمسلسل مركون على ذمة التأجيلات والتسويف، رغم الإشادة الكبيرة من داخل الشركة وخارجها.
من ثم حدثت مبادرات هدفت للتعجيل بالعمل الذي لا يُعلم ما انتهى إليه حتى الآن!.
مَخْرَج
إن رحيل نازك يفتح باباً لطالما توارت تساؤلاته عن مصائر المبدعين العرب الذين بات يواريهم التجاهل وتحويل المسئوليات بين وزارات الثقافة، والنقابات، واتحادات الكتّاب، وما إلى ذلك من جهات قبل الكفن!.. فإذا كانت نهاية العظماء بهذا الشكل، أي حال ينتهي إليه ما دونهم؟
«انظروا كلّ ما على الأرض يبكي فأفيقوا يا معشر الحالمينا»*7
(نسخة _مع الأسى_ للمشهد الثقافي العربي ومؤسساته الرسمية والأهلية)
_____________
*1 من نص للشاعرة (مرثية امرأة)
*2 من نص (أنا)
*3 من نص (غرباء)
*4 (قضايا الشعر المعاصر)
*5 (عيسى الناعوري وأعلام عصره، رسائل مخطوطة لم تُنشر 1948–1985)، من جمع وتوثيق تيسير النجار
*6 مطلع نص (الكوليرا)
*7 من نص (البحث عن السعادة)

الأحد، جمادى الآخرة ٠٩، ١٤٢٨

تغطية// أشجانٌ وتمرٌ هندي في أمسة شعرية بأدبي الرياض

الأحد 1428-06-09هـ
2007-06-24م

أشجانٌ وتمرٌ هندي في أمسة شعرية بأدبي الرياض
- أشجان هندي -

منال العويبيل - الرياض

استضافت اللجنة النسائية لأدبي الرياض مساء الخميس الماضي الشاعرة أشجان هندي في أمسية مميزة توّجتْ نشاطات اللجنة الصيفية، وقد كان من المزمع تنظيمها في وقتٍ سابق إلا أنّ مزامنة الامتحانات الدراسية للموعد فرض التأجيل.افتتحت الأمسية الدكتورة وسمية المنصور التي قدمت ديباجة مميزة عن تجربة الشاعرة، لتشرع هندي في التحليق مع العديد من قصائدها الجميلة التي طوت ديوانها (للحلم رائحة المطر)، ومجموعتها (مطر بنكهة الليمون). ورغم قلة الحضور الذي لم يصل إلى الـ 20 حملت الأمسية طابعاً حميماً تفاعلت معه الحاضرات، مما يُحسب لحيوية الشاعرة، وتميّز ديناميكيتها مع الحضور.
(دانة) إحدى قصائد الشاعرة التي ضمّنتها مقاطع من رائعة الشاعرة ثريا قابل، وأدّاها غناءً فوزي محسون بعنوان ( سبحانو ) ، جاء فيها :
ألا ليت الذين توسدوا الأنفاس ما عدلوا ،
ولا ظلموا ،
ولا وهبوا ،
ولا بخلوا ،
وليتك أنت آخرهم :
« نستنا وإحنا في جدة » ؛
فإنك مولد والرأس يشتعل ،
وكل نوارس الميناء ترتحل :
وبي ملل ،ولي أمل ،
وضلع فوق عرش الموج يحتفل
بمن قد طوّفوا بالقلب أزمنة ،
وما وصلوا
ولا كانوا
« وسبحانو «
حتى تقول:
سأنصب « دانتي « في البحر خلف هدير ضحكتها،
وأُقسمُ:
« حظنا تعبان «
وفي نص عنونته بـ ( سرقة ) قالت الشاعرة:
« يسرقُ الياسمينُ الحزينُ من الوردِ بهجتهُ
ويخبئها في كآبتهِ
يخلع الوردُ جرأتَهُ
يرتدي خجلَ الأبيضِ المرتمي بين أعطافهِ
كلما مَسَّتهُ كفُّ قاطفهِ
كشف الوردُ أوراقَهُ
واشتكى «
يُذكر أن الشاعرة أشجان هندي من مواليد مدينة جدة 1968م ، وحائزة على درجة الماجستير في اللغة العربية ، وتعمل في مجال التعليم الأكاديمي في مدينة جدة .
وقد حضر من اللجنة النسائية للنادي كل من الدكتورة سعاد المانع ( رئيسة اللجنة ) ، والعضوتين أميمة الخميس ، وأميرة الزهراني. من ناحية أخرى ، لم يتسن للجنة الرجالية فتح المجال للحضور لعدم توفر نظام الدائرة التلفزيونية المغلقة التي رددت إدارة النادي الأدبي عبر عدد من التصريحات عن عزمها تدشينها ، إلا أن ذلك تعذَّر حتى الآن.

الأربعاء، جمادى الآخرة ٠٥، ١٤٢٨

حوار// القاصّة والناشطة الثقافية فوزية العيوني

الأربعاء 1428-06-05هـ
2007-06-20م

القاصّة والناشطة الثقافية فوزية العيوني :

يحزنني غياب بعض الأسماء النسائية المهمـومة بالشـأن الثقـافي

مباني الأندية الأدبية مستأجرة وتصميمها لا يناسب المرأة

حوار – منال العويبيل
بينما تعايش المرأة السعودية حالياً مرحلة فاعلة من المشاركة التي تنقلها من واقع التهميش السابق عبر دلالات تشير إلى حراكٍ يضع مشاركتها في مختلف المجالات من ضمن أولوياته. وبينما يتم تدشين هذه المرحلة الجديدة من الاهتمام يأتي الشأن الثقافي كأحد أهم الروافد التي يتحتم العمل على إدماج الحضور النسائي بشكل يليق بدورهن الحالي..
ومن هذا المنطلق نلتقي بالقاصة والناشطة الثقافية «فوزية العيوني» في حديثٍ ذي شجون وطموح لفاعلية حقيقية للمرأة من خلال دورها في اللجنة النسائية لأدبي الشرقية.
 منذ ولوجك عالم الصحافة منتصف السبعينات وحتى الآن .. كيف تبدّلت صورة المرأة السعودية مبدعةً وإعلامية في إعلامنا ؟ وكيف تبدو ثمرات جهودها في الحراك الثقافي ؟
- في السبعينات كان المناخ الاجتماعي يتجه بسلاسة نحو الحداثة الطبيعية التي تلجها المجتمعات عادة بعفوية متدرجة وبريئة، فقد بدأت الجامعات عندنا للتو تزج بنتاجها من الخريجات إلى الساحة الثقافية، فبرزت أسماء نسائية ليست كثيرة ولكنها ذات ثراء فكري لا يقل عمّا تمتع به الرجل في تلك المرحلة، رغم أنه سبقها بالتعليم، والتعليم الأكاديمي على وجه الخصوص، بالإضافة إلى حريته في التنقل عبر البلاد العربية، وحضوره المهرجانات والمؤتمرات الثقافية وأجوائها التحفيزية الثرية، مما وفّر له بلا شك مناخات فكرية وإبداعية حرمت منها المرأة المقعدة.أعتقد أن المرحلة الممتدة من نهاية السبعينات وحتى العام الثاني من الألفية الثانية (منذ حركة الجهيمان، وحتى أحداث 11 سبتمبر) قد شهدت تراجعاً اجتماعياً وثقافياً حاداً أخذ شكل الانحدار المخيف، كما لم يحدث في أي مجتمع من المجتمعات، حيث سيطر التيار المتشدد في منتصف الثمانينات، واستولى على كل المنابر الثقافية والتعليمية أيضاً، وصال وجال مشهراً، فتراجعت على إثره العديد من الأسماء النسائية، إمّا تأثراً بهذا الفكر وتبنٍّ له، أو الخوف من هذا التيار الذي لا يرحم، أو اليأس من حرية التعبير التي تولاها مقص الرقيب الذي صار أكثر حدة... حقاً لقد عشنا عتمة ثقافية وتربوية مخيفة.ورغم ذلك، فإنّ كل تلك المعيقات لم تكن لتثني المرأة ولا الرجل في المجتمع عن التطلع إلى مستقبل أفضل، ولم يتنازل المثقفون عن مبادئهم، ولم يفقدوا الثقة في أن ما يمر به واقعنا محنة لابد لها من زوال. وها قد هبت رياح التغيير الطبيعية، ولظروف عديدة لم تجد أمامها أي أبواب موصدة.
إنّ رواية رجاء الصانع، أو صباح الحرز ، أو طيف الحلاج، أو أوبة وردة الصولي، أو حتى حكاية التائه، و كل هذا العدد من الإعلاميات الناجحات والكاتبات المبدعات، وهذه الأعمال، وأولئك النساء، لا يمكن أن يكونوا نتاجاً طارئاً دون جذور، فهؤلاء هم الجيل الثالث الذي تربّى في بيته على احترام الفرد، وحرية تعبيره، كما راقب بعيون ناقدة ركود ومآسي العقدين الماضيين، فأصبحت الفرصة الآن سانحة أمامهم ليعلنوا عن إبداعاتهم المبشرة.
 في وقت سابق شهدت انتخابات اللجنة النسائية في النادي الأدبي بالشرقية بعض ردود الفعل السلبية عبر بعض المثقفات ووسائل الإعلام ..بعد مرور العام تقريباً .. ما تقييمك لوضع اللجنة الحالي؟ ولماذا أثيرت هذه الضوضاء ؟
- إنّ إنشاء لجنة نسائية في النادي الأدبي أمر في غاية الأهمية بعد سنواتٍ طويلة من الإقصاء والتهميش الذي طال المرأة، وكم طالبت المرأة بهذا الحق عبر عقدين من الزمن، هذا الإنجاز هو إذاً ثمرة مطالبات عريقة وواعية. ومن هنا، فإن أي ضوضاء صدرت كانت محفزاً للجنة لمزيد من التحدي، وأي ضوضاء ستصدر ستستحقها اللجنة إن لم تتمسك بهذا المكتسب، وتعززه ضمن رؤية استراتيجية تضمن للأجيال القادمة منجَزاً صلباً لا يقبل التقهقر.بعد مرور عام، أعتقد أنّا تكونا كمجموعة يؤطرنا هذا الحرص على اللجنة، وهذا الإصرار على الاندفاع باتجاه إرساء كيانها، تلك مسألة في غاية الأهمية أن تتفق مجموعة على أهداف ورؤى واضحة.
لقد انتهينا مثلاً منذ الشهر الأول من وضع خطتين : الأولى مرحلية تضمنت بلورة صورة وضع اللجنة، وعلاقتها بمجلس الإدارة. وعلى إثر ذلك تم وضع خطة أنشطة اللجنة السنوية، وانضمام أعضاء اللجنة لجميع لجان النادي. والثانية استراتيجية نرجو أن توافق عليها الوزارة، ولسنا على عجل من أمرها.
 عزوف بعض مثقفات المنطقة الشرقية عن التفاعل مع ناديها الأدبي هل يتوافق طردياً مع كمّ ونوع جمهور النادي ؟
- مما لاشك فيه أنه من المحزن غياب بعض الأسماء النسائية المهمومة بالشأن الثقافي، والتي كانت هي رافعة لواء المطالبة بحق المرأة في الشراكة الثقافية منذ سنين. إن وجودهن هام وضروري، ولا أجد مبرراً لغيابهن، فالنادي مفتوح للجميع لم يقصِ أحداً، وليس لدى إدارته أي تحيز لشخص دون آخر، والدعوة تُعلَن عبر الصحف المحلية مشرّعة لجميع المثقفات والمثقفين .إن ما يسعدني حقاً في كمِّ ونوع جمهور النادي في الصالتين مسألتان، الأولى : أنّ رواد النادي بازدياد مطرد، رغم قصر عمر التجربة التي _ لا شك _ في أنها تتطلب جهوداً مكثفة لإرساء ثقافة البحث عن المعرفة عبر الحوار مع الآخر، ولتجذير قيمة أن يكون في برنامج الإنسان الأسبوعي محطة ثقافية في يوم معين، ولزمن محدد يكسر به روتين يومه. والثانية : وتخصيصاً في القسم النسائي، وجود العناصر الشابة باستمرار، وبالتزام من طالبات الكليات، والمرحلة الثانوية، ومن أسماء جديدة مهتمة بهذا الشأن كثيراً ما تثري النقاشات، وأعتبر هذا مكسباً هائلاً ما كان له أن يتحقق لولا وجود لجنة نسائية في النادي.
هنالك مسألة مهمة يجب الحديث عنها وهي أنّ الأندية الأدبية تقام في مبان مستأجرة، وتصميمها لا يناسب تواجد المرأة، ولا حضورها الفاعل، ولذا نحن ندير أعمالنا من منازلنا، وفي هذا كثير من الإرهاق لنا.
 بقدر سعة التسليط الإعلامي على تغييرات لجان الأندية الأدبية .. خفتت التغطيات الخاصة بالفعاليات المقامة فيها . . برأيك إلى ماذا تُردّ أسباب ذلك ؟
- اللجان النسائية ظاهرة جديدة، وتغطيتها، ومتابعة عويلها في بادئ الأمر كونها أتت متأخرة، ودون الحلم، كان هذا مما يستحق التغطية، أضيفي إلى ذلك أن الصحافة الناجحة هي تلك التي تدعم وتؤازر أي ظاهرة إيجابية تخدم الحراك الثقافي والاجتماعي. إلا أن بعض الصحفيين والصحفيات قد تغيب عنهم هذه المهمة الراقية، فلا يستهويهم سوى غبار المعارك، ولا يسعني أن أغادر هذا السؤال دون الإشادة بالعديد من الصحفيات الواعيات، واللاتي لا يتغيبن عن الأنشطة إلا لظروف قاهرة.
 في ورقتك التي سبق وقدمتِها في ملتقى الأحساء الثقافي عن دور المرأة في المراكز الثقافية ذكرت « أن التقسيم القسري للأنشطة الثقافية في بلادنا إلى أندية أدبية وجمعيات للثقافة والفنون نتج عنه احتفاء بثقافة محافِظة ضد ثقافة التجديد، وبالتالي عزز إقصاء المرأة عن النشاط الثقافي والاجتماعي » ..تُرى كيف تُرتق هذه الهوة بين الثقافتين، في سبيل تمكين المرأة، ودعم نسق ثقافي متجدد يكسر تقليدية الأطروحات الثقافية محلياً ؟
- نحن مجتمع تجاوز _ دون الاعتراف _ مسألة القبلية والعشائرية .. فالتعليم، وضرورات العصر، بما فيها من تقنيات فرضت نفسها على ثقافتنا، دون أن يكون لنا خيار _ إذ لا خيار _ فصرنا كغيرنا من المجتمعات، تَسِمُنَا مثل غيرنا التعددية الفكرية في مجتمع واحد. المجتمعات عادة هي تركيبات فكرية متنوعة، ونحن متنوعون، لقد صودر واختطف المجتمع لسنوات طويلة، بإصرار من التيار المسيطر والهادف إلى خلق نموذج نمطي واحد، وهذا الرأي لا يمكن أن ينطبق على أي مجتمع في الكرة الأرضية قاطبة، وعليه لا يمكن أن ترتق هذه الهوة إلا بالاعتراف بواقع التعددية، واحترام الرأي والرأي الآخر، وترسيخ مفهوم حق المواطنة. وعلى النادي الأدبي دور هام في إرساء هذه القيم الهامة ؛ لأن مردود ذلك ليس محصوراً بالمرأة فقط، بل سينعكس على ثقافة اجتماعية شاملة.
 في إحدى مقالاتك ذكرت « أن المرأة السعودية ما زالت قيد المعاناة الإبداعية نتيجة خطوط المجتمع الحمراء العريضة. والرقيب الضخم الذي كونه الإرث الثقافي في لا وعيها.. المرأة، وفيما اختزنه وعي الرجل من رؤية تقليدية لها »..برأيك هل فعالية النساء السعوديات في الحراك الثقافي كمنسقات ومنظمات وما إلى ذلك قادرة على رفع الضغوط عن ممارِسات الإبداع ؟ وكيف يمكن تصحيح مثل هذه الإشكالات ؟
- سؤالك خجول، لكني سأجيب عنه وعما يبطنه : لا أرى رابطاً بين حراك المرأة الثقافي كمنسقة ومنظمة، وبين ممارسة الإبداع بحرية من قبل المرأة، بمعنى ليس شرطاً أن تكون المنسقة مبدعة _ أقصد في أحد حقول الإبداع _ إلا إذا اشترطنا على مديرة المدرسة أو الوكيلة أو نحوهما أن تكونا ممن يمارسن هذا النوع من الإبداع، خذي مثلاً الشاعر والكاتب الكبير محمد العلي، لا أتصور أنه مطالب بالقيام بتنظيم مؤتمر، بل لعله لا يستطيع. وعلى هذا الأساس فالمواصفات التي يجب أن تتمتع بها المنسقة ليس الإبداع أحدها، وإن توافر مع مواصفات أخرى فلا بأس به، إلا أن وجود المرأة كمنسقة أو منظمة في أي منبر ثقافي له الدور في عدم تغييب المرأة المبدعة، وفي تدعيم ظهور صوت المرأة بكافة أشكال إبداعه، وبدون هذا التواجد سنرى نتائج تهميشية كما شاهدنا في العقدين السابقين.
 من باب خبرتك الخاصة بمجالات حقوق الإنسان ..كيف يمكن أن تتولى المنابر الثقافية دوراً داعماً لهذه الثقافة الحقوقية المتفاوتة الحضور محلياً دون الوقوع في مطبّ الوعظ المباشر والتلقين ؟
- في مجال حقوق الإنسان لا يمكن الوقوع في مطب الوعظ والتلقين ، فبالرغم من حداثة ثقافة حقوق الإنسان في مجتمعنا إلا أن الإنسان بفطرته، مدافع عن حقوقه، بل إن كل الأديان السماوية، والتشريعات الاجتماعية قبلها، جاءت للتشريع لهذه الحقوق، بل يجب أن أؤكد أن كل المجتمعات رغم فطريتها البسيطة ما قبل الأديان . من الجميل في الأمر ، وحسب تجربتي البسيطة في هذا المجال أنني أجد أذناً صاغية عندما أحدّث امرأة _مثلاً _ عن حقها الشرعي في الخلع .. أو حق النفقة، أو حقها في المتاع بعد الطلاق مثلاً، فما بالك لو تحدثنا عن حق الكرامة الإنسانية، الإنسان متعطش دائماً لأن يجد مخارج لما يصيبه من انتهاكات، ولذا فإنّ أي منبر ثقافي يتناول حقوق الإنسان هو منبر حيوي، وله جمهور واسع.
قناة الإخبارية المتألقة تقدم فقرة قصيرة بشكل يومي على ما أعتقد تتناول عبرها في كل مرة حقاً من حقوق الإنسان، أو قيمة أخلاقية عالية..هذا دور تنويري هام ، يجعل المواطن يشعر بالأمان ؛ لأنه يعرف إلى من يلتجئ ، كما أن له الدور الرادع لكل أشكال الانتهاكات.
 في ظل توسع المسئوليات وضغوط الحياة اليومية والكثير من المشاريع .. أين نجد القاصّة فيك ؟ وأين وجدت هي ذاتها ؟
- ( كم يوجعني هذا السؤال ) .. القاصة في داخلي قليلاً ما تواجهني، وكثيراً ما تختبئ في داخلي، لا أجدها دائماً، حتى عندما تخرج أقمعها، وأقول لها : لحظات وأرجع لك، لكني أخذلها، وأضيّعها في متاهات أولوياتي، حتى نسيت مجموعتي الأولى في جهاز كمبيوتر سئم انتظاري، فكف عن العمل.إلا أنّ فن القص أقوى من أي كابح، فهو يشاغلني كل يوم، وأعتذر له بابتسامة من لا يحمل ورقة وقلم.

السبت، جمادى الآخرة ٠١، ١٤٢٨

حوار// د. إقبال خضر عضو «نسائية» أدبي الشرقية

السبت 1428-06-01هـ
2007-06-16م

د. إقبال خضر عضو «نسائية» أدبي الشرقية:

علينا اكتشاف الإبداعات كما يبحث مدربو الأندية الرياضية عن اللاعبين

«شاعر المليون» أكبر مثال على دور الفضائيات في دعم الشعر

حوار – منال العويبيل
مؤخرا تحوّل الحديث عن الشعر إلى حديث عن تاريخه، وقد ظهرتْ تبعات ذلك في فعالياته الثقافية التي كرّستْ تقديمه التقليدي، وبذلك تحوّلت القصيدة تباعا إلى وثيقة إخبارية بحتة.. الشاعرة إقبال عبد الله خضر انضمّت قبل بضعة أشهر للجنة النسائية في نادي الشرقية الأدبي كإحدى ناشطاته الفاعلات، في تجربة مازالت تصفها بأنها في طور المهد.. نلتقيها اليوم على إثر دورها الناشط وخلفيتها الشعريّة، لنستجلي الطموحات التي يُرغب إنفاذها عبر هذا الدور لدفع الوضع الثقافي الراهن قدْر الإمكانيات المتاحة.
* قبل عدة أشهر أسس نادي الشرقية الأدبي جماعة اختصت بالاهتمام بالشعر، تولاها الشعراء محمد الفوز, وطلال الطويرقي, وحسين الجفال.. ما تقييمك للمستوى الماضين فيه من فعاليات؟ وأيضا ألم يغر الشاعرة فيكِ الانضمام للجماعة؟
- الأمسيات كانت رائعة ومنعشة، وكان الأساتذة مبدعين في اللقاءات الشعرية بدرجة زادت من جمال القصائد. أمّا الانضمام فهو مسألة وقت ليس أكثر، وأنا معهم في النادي أشعر أني عضو في جميع اللجان.
* لم تكوني من ضمن المشاركات في عملية انتخاب عضوات المجلس.. ما رأيك بفكرة الانتخابات؟ وآلية تنفيذها؟ وهل لامستِ أي نوع من الامتعاض أو الهجوم لانضمامك المتأخر للجنة؟
- لقد حضرت الانتخابات من اللحظة الأولى، وأشهد أنها تمت بديمقراطية وتنظيم هادئ؛ لوجود عدد قليل من المرشحات والمنتخِبات، وقد حضرتها وأذكر جيدا ردود فعل بعض اللاتي خسرن، مع ملاحظة أن الانتخابات كانت لرئيسة اللجنة، وليس للعضوات، وقد رُشِّحت بعد ذلك للعضوية كناشطة فقط، ولن أكون رئيسة؛ لعدم تفرغي وارتباطاتي، وأعتقد أنه شرط مهم لمن يحاول الوصول إلى اللجنة، مع أن يكون لديه هدف مهم هو التعاون مع أعضاء اللجنة، وليس المشاركة للتميز الشخصي.
* في أمسية اللقاء الأول للجنة النسائية دعوت حاضراتها لإسماع صوتهن وملاحظاتهن بنصِّ قولك: «لتمدوا لنا يدا قوية لنصعد إلى الفضاء من دون أزمة نفط أو طاقة أو أسهم»..برأيك ما مدى إقبال المبدعات والمهتمات بالشأن الثقافي بالشراكة في صناعة الحراك المأمول من المؤسسات الثقافية؟ وهل هناك وعي كاف للإحاطة بهذا الدور الذي ينقلهن من متلقيات إلى فاعلات حقيقيات؟
- يوجد إقبال بين الشابات المبدعات، لكن هناك أسبابا قوية تقتل التواصل أو اكتشاف الكثيرات، أهمها: وأد الإبداع في المنازل، فكثير من طالبات المدارس يكتبن قصصا وقصائد ومقالات متميزة، ولكن الخوف من إعلان الاسم يمنعهن من المشاركة أو النشر في الصحف. إضافة إلى عدم وعي الأُسر الذي يجعل الكثير من الطالبات يسجنّ إبداعاتهن في مجلدات مخبأة تحت السرير، أو داخل حقيبة المدرسة، حتى بعض الموظفات والخرّيجات هناك حصار اجتماعي على إبداعاتهن بحجة اسم العائلة، لكن الطريق يبدأ بخطوات تصبح أميالا بقليل من الصبر.
* ما مدى سلاسة التعاون مع اللجنة الرجالية؟ وإلى أي مدى يمكن الوصول لفعاليات مثرية باسم الثقافة والأدب بعيدا عن تصنيفها بالرجالية أو النسائية؟
- الثقافة والأدب لغة لا تحتاج إلى تحديد جنسها، الرجال شقائق النساء، وجميع اللجان ستبقى متعاونة، ونحن سنتعلم ممن سبقنا لنكون دائما يدا واحدة.
* رغم نقلات أساليب الشعر وصولا لقصيدة النثر عانى الخطاب الشعري في الآونة الأخيرة عزوفا كبيرا لمصلحة الرواية.. ما السبيل لاستصدار خطا يعيد إحياء مكانته؟ وهل يمكن ذلك عبر الخطاب الفردي الإبداعي أم عبر القنوات الثقافية رسمية كانت أو أهلية؟
- لا بد من الدعم والتشجيع عبر تنظيم مسابقات بشكل دوري، وأمسيات مفتوحة أكثر في المؤسسات التعليمية والثقافية والرياضية، وسيكون للفضائيات دور فعّال إذا أعطت الشعر نصيبا متميزا، وشاعر المليون أكبر مثال.
* في فعالية جماعة الشعر الأولى نُفّذ لقاء مميز طُرحت فيه القصائد تواليا من الحضور بنسق غاير الأمسيات المعتادة، والذي كنتِ إحدى المشاركات فيه.. ما رأيك في تلك التظاهرة؟ وما نوع الأصداء التي لامستموها من الجمهور؟
- لم أشارك في الأمسية الأولى، مع حضوري لها، ولكني شاركت في الأمسية الثانية، وكلتا الأمسيتين كانتا متميزتين، والشكر لجماعة الشعر للتميز والإبداعات.
* يعيب الكثير من متابعي أنشطة النوادي الأدبية حول المملكة تكريسها لأطروحات نخبوية، إلى جانب استقطابها لفئات عمرية يُهمل فيها فئة كالمراهقين والشباب.. ما وجهة نظرك حول ذلك؟ وكيف يمكن خلق مناخ منوع بما يكفي ليوصف بالجماهيري؟
- لا بد أن تخرج أنشطة الأندية الأدبية من جدران مباني الأندية، يجب أن نتواصل مع الشباب والشابات في مصانعهم، وأقصد بها المؤسسات التعليمية: الجامعات، الكليات، المخيمات، الأماكن الترفيهية.. لا بدّ أن نتحرك في اتجاههم، ولا ننتظر دخولهم إلى أبواب الأندية، لا بدّ أن نبحث عنهم كما يبحث مدربو الأندية الرياضية عن اللاعبين في المباريات غير الرسمية، وفي الشواطئ، والمجمعات، والمقاهي.
* لأنّ الشعر ديوان العرب، ويعدُّ من أعرق الأساليب التي عمّقت علاقة الإنسان بالأدب، ما الذي يمكن لمؤسساتنا الثقافية فعله لإحياء حضوره؟ وبالتالي ما الدور السلبي الذي قد تكون ساهمت به في الإساءة إليه؟
- أعتقد أن إجابة الشقّ الأول من السؤال ظهرت في جوابي السابق. أما حول السبب في الدور السلبي فأظنه في ربط أذهان البعض بين الشعر والثقافات الرجعية، أو لغة الأدب البعيدة عن لغة العصر، ولا ننسى الإقصاء الذي تعرّض له الشعر الحديث، والتحديات، والمواقف المتشنجة التي رافقت شعراء الحداثة، مما أثر على تقبّل الأجيال لهذا الإبداع، مع إقصاء متعمّد لتشجيع الناشئة لحفظ الشعر، وإلقائه، وإثراء المكتبة العربية بالتميّز بعيدا عن المقلدين الذين أصبحت أعدادهم أكثر من عاشقي اللغة العربية، والمحافظين على تاريخها.

الثلاثاء، جمادى الأولى ٢٦، ١٤٢٨

تحقيق// أدباء يرفضون حصر الثقافة في الأدب

الثلاثاء 1428-05-26هـ
2007-06-12م

يقرأون في الفلسفة والفن والعلوم
أدباء يرفضون حصر الثقافة في الأدب
- هيلدا إسماعيل -

منال العويبيل - الرياض

في فترات مختلفة من التقدم المعرفي نجدنا إزاء مرحلة من التباس تعريف الثقافة عند العرب اختلط فيها حابل المثقف بنابل المتحضر. فتثبت التعريفات أنّ الثقافة هي إدراك الفرد والمجتمع للعلوم والمعرفة في شتى مجالات الحياة؛ فكلما زاد نشاط الفرد، ومطالعته، واكتسابه الخبرة في الحياة؛ زاد معدل الوعي الثقافي لديه. ومع ذلك بتنا نواجه حالة من التثقيف الأحادي الذي كرَّس الأدب كمنهلٍ رئيس مهملاً المجالات الأخرى لأسباب متفاوتة. وبما إنَّ البعض نسب هذه الحالة للأدباء أنفسهم الذين ساهموا في تكريس هذا الوضع استطلعنا خيارات قراءاتهم الحالية خارج سرب الأدب.
الشاعرة «هيلدا إسماعيل» مهتمة بالمجالين الفلسفي والفني اللذين نهلت منهما في بعض الصفوف التدريبية مؤخراً. كما أنها، ومن باب مجالها العملي في عالم الإعاقة، تنصب بعض قراءاتها حول أبحاث الإعاقة ومستجداتها وآثارها الجانبية. أما آخر كتاب قرأته فكان «تاريخ مدينة روما الإيطالية» إثر زيارتها مؤخراً لهذه المدينة.
الكاتب «نبيل المعجل» قرأ مؤخراً (عبدالله الطريقي_صخور النفط ورمال السياسة) لمحمد السيف الذي يصفه بتوثيق متكامل لسيرة عبدالله الطريقي أول وزير نفط في التاريخ السعودي، وصاحب المقولة الشهيرة «نفط العرب للعرب». ويضيف حوله: اتكأ الباحث على ثراء المعلومة، وتنوّع مصادرها، والتوثيق المقنن والصورة. يسلّط البحث الضوء على تاريخ النفط في الخليج والدول العربية بدءا بصناعة النفط، والعلاقة المتشابكة والشائكة بين الدول المنتجة وشركات البترول العالمية، والتي كانت تحتكر امتياز التنقيب عن النفط، وما تخلله من اتفاقيات يرى الطريقي بأنها كانت مجحفة بحق الدول المنتجة. كما يسرد الباحث وبمتعة فارهة كيف استطاع، ومن معه من دول أخرى، أن يمارسوا الضغط على شركات النفط العالمية لتعديل الكثير من البنود على الاتفاقيات الأولية لضمان حقوق الدول المنتجة، ومن ثمَّ دوره الرئيس في تأسيس منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبيك). كما قرأ المعجل (ابن رشد: حياته، مؤلفاته، تأثيره، منهجه في الفقه) لحمادي العبيدي، الذي يصفه بأنه كتاب قيم عن أحد أعظم الفلاسفة على مر التاريخ. سيجد فيه القارئ، وباختصار محبب، كل ما يتعلق بحياة ابن رشد، والظروف التي أدت إلى نكبته، ومنها حرق الكثير من كتبه وترجماته من التراث اليوناني.
الشاعرة «هيا العريني» تجد أن لديها نهما بقراءة كل ما يقع بين يديها، وليس هناك نمط محدد لقراءاتها. وعن آخر الكتب التي قرأتها تقول: (أسرار فن الاتصال) للإعلامي لاري كنج، و(الرجال من المريخ والنساء من الزهرة) لـ جون غراي.
الناقدة «أسماء الزهراني» تصف حالتها بأن من لا يجدها في الأدب سيجدها في الفلسفة، والعكس صحيح، وعن آخر قراءاتها تقول: «نيتشه» قرأته مؤخراً، وافتتح سلسلة «هيجل» تزامناً مع «ريكور».
الشاعرة «أمل الفرج» تجد نفسها مهتمةً بمجال العلوم الإنسانية بشكل عامّ. أما عن قراءاتها الحالية فذكرت أنها تقرأ كتاب (إقهر الخجل) لفرانسوا سوزاريني، وكتاب (عولمة الأخلاق) للدكتور عثمان الصوينع.
أخيراً، لا يسعنا إلا أن نقول أنّ الإنتاج الأدبي قد يشكّل خلاصة المعرفة البشرية من حيث كونه يستمد مادته من مختلف المعارف والعلوم، لكنه لا يصل لمرحلة الاستغناء، فإن كان للأدباء والكتّاب متسع من أفق يوزعونه بين أكثر من مجال، لابدّ أن يكون للمتلقي العادي من ذلك نصيب.