وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الثلاثاء، ذو القعدة ٠٣، ١٤٢٨

حوار// الفنان التشكيلي فهد القثامي: ما زلت محل انتقاد الكثيرين ومصدر إزعاج لا ينتهي

الفنان التشكيلي فهد القثامي:


مازلت محل انتقاد الكثيرين ومصدر إزعاج لا ينتهي
المتلقي العادي اعتاد رؤية العمل التشكيلي بألوان مبهرجة وبراويز ذهبية
.
.
حوار - منال العويبيل
.
في مجتمع عزَّ على قديمه الإلمام بالأبجدية الفنية التشكيلية، وحاضر حيَّدَها تحت بند خيار النخبة، وجد الفنان التشكيلي فهد القثامي أن فنّه يستحق عناء المضي فيه.. منذ شغب الألوان والكراسات، حتى زهو تألقه في الاتجاه المفاهيمي، الذي يجهله عدد يفوق الأصابع ممن قد يُعدّون _ ضمناً _ من التشكيليين. هو اسم يتصاعد تميزه وفرادة خطواته التشكيلية قبل أن يكمل الخامسة والعشرين من العمر. و(حكاية مسامير) كانت آخر إنجازاته الفنية، فلمن أراد سماع الحكاية، وراويها كان هذا الحوار:
.
.
.


-1-
« الفن هو ما يشرح القلب، وترتاح له العين»
_ الفنان الفرنسي هنري ماتيس (1869-1954م) _
.
قالت: واااو! ببساطة هذه الدهشة، وتلقائية وقعها..
كانت هذه أولى انطباعات إحدى الزميلات حينما شاهدت ( حكاية مسامير ) فهد القثامي على موقع اليوتوب. إن فكرة الكتابة عن العمل بما يوجز عن رؤيته، أو بحيادٍ عابر، غير واردة في هذا المقام، لأنَّ ثمّة أعمال لا تتطلب إلمامًا تشكيليًا، أو حداً من الاستعداد المزاجي، ستتكفل بأخذ يد المشاهد من دهشتها، والمضي بها في سبعة دقائق وثلاثة وأربعين ثانية تامة.
تلك التجربة التشكيلية التي جمع فيها الفنان بين وسائط عرض مختلفة من صور فوتوغرافية وأعمال تشكيلية لتُعرض كمادة سينمائية، وقدمها في أول معرض تشكيلي فوتوغرافي سينمائي له، في صالة الفنون التشكيلية بقصر شبرا بالطائف.
.
.
وحين نستحكي فهد القثامي عن (حكاية مسامير) يقول: «بدأت شرارة الفكرة لحكاية مسامير عندما لاحظت في أحد أعمالي جزءًا صغيراً يقف فيه مسمار، وبشكل لفت الانتباه، أحسست لحظتها بان هذا المسمار الأداة المهمشة.. تحمل الكثير والكثير من المعاني والدلالات.. كأن للمسمار كيان وروح مستقلة وحياة أخرى تشبه حياتنا».
.
.
إن هذه الأنسنة التي استشعرها القثامي سيقف إزاءها متابع العمل، بما يفوق ملامسة الحياة النابضة في تلك المسامير، إلى تلمّس القيمة الروحية لها، ولوهلة قد تخطر له فكرة تسميتها كشخوص حية يُقرن حالاتها بما سمع من البشر أو عايش! يتم القثامي كلامه عن كواليس العمل، فيقول: «استمر إعدادها سبعة أشهر من البحث المتواصل والتجريب في الخامات المختلفة، من حديد وأسلاك ومسامير قديمة وأخشاب بمستويات متعددة، بالإضافة إلى كولاج الصورة الذي كان واضحاً، وبتقنيات مختلفة، تعتمد على الحالة التعبيرية للملامح الموجودة.. أيضًا هناك عنصر آخر وهو كولاج الكلمة الذي وضعته بأسلوب مبعثر أحيانًا، ويختزل الكثير من المعاني والحالات الإنسانية المختلفة.. ولكن تعمّدتُ أن تختفي بعض الكلمات، وبعض الأحرف؛ لأضفي طابعًا من الغموض والدهشة، ولأخلق جواً من الاستفزاز المستمر للمتلقي.. وحرصي الشديد لأخلق منها أسلوبًا فريدًا لم يتطرق له أي من الفنانين الذين سبقوني ساهم في زيادة الحمل علي، حتى إنني صرت أحمّل نفسي أكثر من طاقتها».
.
.
تذكر بعض التفاسير أن رؤية المسمار في المنام قد تدل على أنه رمز للقوة والمال، وقد يدل على الرجل الذي يتوصل الناس به إلى أمورهم، وباختلاف الدلالة والتأويل، كان الأمر مختلف الغاية عند فهد، يكمل حديثه، فيقول: «حكاية مسامير أصبحت هاجسًا يطاردني حتى في فترات نومي.. أصحو لأسجّل ملاحظاتي.. وأستأنف العمل عليها في اليوم التالي رغم كل هذا.. أحسست أن الحكاية لم تنتهِ.. ولم أوفيها حقها الذي تستحق.. استمر المشروع بالتطوير المستمر والخلق للحالات الإنسانية والتعبيرات الجسدية لدرجة أن العمل التشكيلي لم يحتمل التفاصيل الموجودة.. فقمت بالاستعانة بكاميرا فوتوغرافية، لأخذ زوايا مهمة في العمل التشكيلي، تحكي معاناة المسمار ابتداءً من المراحل الأولى، وحتى مراحله الأخيرة. ومن ثم عكفت على إخراج فيلم سينمائي يحكي مراحل المسمار من بداية القصة حتى نهايتها، وبأسلوب يحمل من العاطفة جزءًا كبيرًا من شخصيتي.. قمت باختيار الموسيقى المصاحبة للحالة، وبحمد الله .. كانت تجربة موفقة وناجحة، لم يتدخل فيها أحد بشهادة الجميع.. ابتداءً من الأعمال، وحتى إخراج الفيلم، إلى تصميم المطبوعة، كل هذا الجهد هو جهد شخص واحد هو فهد القثامي».
.
.
على صعيد الفنون البصرية نجد أنَّ السينما الشعرية تستند على جعل الصُور والمشاهد والسياق العام "شعراً" قائماً بحدّ ذاته. وإذا أمكن وصف تجربة القثامي بأنها ضربٌ من «سنمأة التشكيل» نجد أنَّ الحس المرهف في (حكاية مسامير) مزج صوراً شعرية بلغة بصرية مركّبة، إذا ما أخذنا في عين الاعتبار هذه الرهافة التي تنبض في خامات كالحديد، والخشب، والأسلاك.. بكل ما تعكسه من صلابة وجمود حضور. مما أوجد تضاداً متناغمًا فرض لمحاته الشعرية، والشاعرية كذلك. يستكمل القثامي الحكاية، فيقول: «جميع الحالات الفنية والإنسانية التي وُجدت في حكاية مسامير لم تأتِ من محض المصادفة، ولكنها خضعت بجميع حالاتها للتجريب والتقنين، لكي تصل إلى المخرج الذي عرض في حكاية مسامير. أما شاعرية العمل، فقد برزت من خلال الصدق في المشاعر، وعدم التكلف في جميع التفاصيل».
.
.
.
.




-2-
" إنَّ العالم يُفسح الطريق للمرء الذي يعرف إلى أين هو ذاهب "
_الفيلسوف الأمريكي رالف أمرسون (1803-1882م)_
.
ليس ثمة طفل لا يعرف الرسم، ولكن ظروف محيطه هي التي تدفعه نحو تطوير علاقته بالرسم أو انحسارها، ولأن واقعنا يحترف الأخيرة عبر سلسلة من التهميش في مراحل التعليم المختلفة، والأنشطة اللا صفيّة، نجد أنه جدير بالذكر حصول فهد القثامي على المركز الأول في مسابقة الطلاب الموهوبين التي نظّمها مركز الموهوبين بالطائف عام 1421هـ، وعلى صعيد ذلك نسأله عن تجربته الفنية خلال مراحل التعليم الإلزامي، فيجيب: « لم تكن هناك تجربة فنية أثناء مرحلة التعليم الإلزامي، ولكن كان هناك اهتمام كبير من قبل أستاذي بمركز الموهوبين فيصل الخديدي الذي نفَّذ مشروع متكامل لرعاية الموهبة الفنية، وقام بعمل مجموعة من الدورات في مجالات متنوعة ابتداءً بالأسس الأكاديمية، وحتى الوصول إلى مراحل التجريب المتقدمة».
.
.
وحول نمو موهبته على مستوى العائلة من حيث التشجيع أو الانتقاد، منذ بدايات الهواية، حتى الاتجاه الاحترافي، يقول القثامي: «بصراحة، لم أجد الدعم والتشجيع الكافي من المجتمع، بدءاً من مراحل الدراسة إلى مراحل الاحتراف، وأنا مازلت محل انتقاد للكثيرين، ومصدر إزعاج لا ينتهي».







-3-

قبعة الأكاديمي وبندانة الفنان
.
حين يرد مصطلح دراسة الفنّ يأتي مربط فرس الفنانين الأكاديميين، إذ يرون أن دراسة الفن تمنح استعدادية أكبر ليقدم الموهوب عطاءً فنياً أفضل، مع التسليم بأن الموهبة هي التي تجر الإنسان إلى دراسة الفن وليس العكس. خيار فهد القثامي الفني لم يمر بجسر دراسة الفن، حيث اختار الالتحاق بعددٍ من الدورات التشكيلية التابعة لمركز الموهوبين في مدينة الطائف، وحصيلة مميزة من التجريب والتثقيف الذاتي. فإن كان المتلقي مكتفياً بتميز الموهبة نجد غالباً ما يتساءل الناقد عن الخلفية الأكاديمية لدى الفنان، من باب التوازي المتناغم بين الموهبة والدراسة.. فما هي نظرة فهد تجاه هذه الإشكالية، وهل تواجهه مثل هذه التساؤلات، يقول: «بصراحة، نادراً ما تواجهني مثل هذه الأسئلة؛ لقلة التجارب النقدية في الساحة التشكيلية السعودية، ولعدم وجود ناقد متخصص في مجال الفن التشكيلي».
.
.
لكنه يعود ويؤكد: «إنّ الموهبة هي الركيزة الأساسية في حياة الفنان، إذا صُقلت نجح، وإذا أُهملت أصبح هناك عجز واضح في الأعمال والأسلوب، وهو أحد الأمرين: إما أن يكون عجز تقني في استخدام الفنان للخامات وطرق تقديم العمل التشكيلي، أو يكون عجز فكري في الطرح ومواكبة المدارس الحديثة. فبالأساس الأكاديمي المتقَن، وبالبحث المستمر، تُصقل الموهبة، ويصبح الفنان متمكنا من أدواته، ولديه القدرة على أن يخوض التجارب بدراية ووعي دون تخوف أو تردد».


-4-
" الأعمال الفنية توجد من أجل أن تُحَب أكثر من أن تُبحث "
_الناقد المصري د.محسن عطية_
.
يُذكر أنّ الفنّان الفرنسي رينوار (1841-1919م) رسم لوحة تبيّن السيّد المسيح يحمل شمعة ويطرق باب منزل مظلم, مما جعل أحد النقّاد ينتقد اللوحة لأنه نسي أن يرسم مقبضًا للباب، فردَّ رينوار: إنَّ المنزل هو القلب البشري، وقلب الإنسان لا يُفتح إلا من الداخل. نجد أن مستوى الذائقة التشكيلية محلياً قد يصل للعدم عند بعض المثقفين! ناهيك عن المتلقي البسيط، وقياساً لطفرة تذوق الفنون الموسيقية عبر أوساط الانترنت، يتضاءل الاهتمام بالفن التشكيلي. وإذ يأتي الربط من باب تخطِّي كِلا الفنّين لعائق اختلاف اللغة.. ما الذي يُبقي التشكيل في الصف الخلفي للفنون؟ وكيف يتم تفعيل حضوره؟ ببساطة، ما الذي قد يفتح الباب؟ يرد القثامي: « يعتبر الفن التشكيلي من أرقى أنواع الفنون، قد يكون في الصف الخلفي عند المتلقي العادي، ولكنه في الحقيقة في الصفوف الأولى عند المتذوق الواعي. فالفن لغة تخاطب بين الشعوب، وهو أحد أهم عوامل التطور.. فإذا وُجد وهيئ له المناخ المناسب والصحي انعكس هذا التأثير على الأشياء المحيطة. وهذا ما نلاحظه في الدول المتقدمة من تطور وازدهار يتم تفعيله عن طريق المناشط الخارجية والداخلية، ومن خلال الاعتراف به كثقافة».
.
.
كما نجد لفهد القثامي بداياته الواقعية، التي تحوّلت إلى الخيال السريالي، وصولاً لاتجاهه للمفاهيمية، الذي يعتمد على تحويل الفن البصري إلى فن ثقافي فلسفي وجودي علمي. وجد رواجه في أمريكا وأوروبا منذ نهاية الخمسينات الميلادية، وبعدها انتشر في العديد من عواصم العالم. وإذا كان للمتلقين _ على اختلافهم _ حد أدنى من الأبجدية الفنية حول الاتجاهين الأولَين، نجد أن العديدين يجهلون الأخير، فهل تراه يشكّل عائقاً حقيقياً تجاه تذوق أعمال فهد القثامي المفاهيمية، ليقول: «نعم.. في الحقيقة جهل الكثير من المتلقين بالفنون الحديثة والمدارس المتقدمة يشكل عائقًا كبيرًا تجاه التذوّق الفنّي واقتناء الأعمال، وذلك يعود لأسباب تكمن في أن المتلقي العادي اعتاد على أن يرى العمل التشكيلي يحمل ألوانا مبهرجة وبراويز ذهبية تدل على قيمة العمل، بغضِّ النظر عن القيمة الحقيقية والجمالية التي تكمن في الفكرة وفي الهدف والغاية».
.
.
ويضيف بمنأى عن معاناته الشخصية: « جميعنا يعاني.. ولكن سعينا الدءوب في جماعة تعاكظ ساهم في خلق جمهور واعِ يحترم المدارس الفنية الحديثة، ويقدِّر الفكرة قبل بحثه عن الناحية الجمالية، من خلال النشاطات المتوالية في السنتين الأخيرتين من دورات، وإقامة معارض، حتى أصبح للطائف صدى إعلامي كبير في الوسط التشكيلي».






-5-

«يمكنك أن تحلم و تبتكر و تبدع أعظم الأفكار في العالم، لكنك بحاجة إلى فريق لتحويل الأفكار إلى نتائج. إذ يمكننا الوصول إلى القمر إذا ما وقفنا بعضنا على أكتاف بعض»
_والت ديزني_
.
ظهور العديد من الجماعات الفنية المحلية يزداد رواجه حول المملكة، حيث لا تخلو أي من المناطق من جماعة أو أكثر تتولى إبراز الإبداعات، وإقامة المعارض الجماعية والخاصة بأفرادها، إضافة لعدد من النشاطات الداعمة للحركة التشكيلية من دورات، ندوات، وورش عمل مختلفة.. من منظار فهد القثامي العضو المؤسس في جماعة تعاكظ.. لأي مدى تستطيع هذه الجماعات إبراز التجارب الفردية عبر الحضور في معارض جماعية؟ وما نوع الدعم الذي تقدمه؟ ليجيب: «من خلال تجربتنا في تعاكظ التشكيلية اهتممنا بالتجارب الفردية والجماعية، وذلك بدراسة واعية لما نقدم للمتلقي باحترافية متقدمة، وذلك بتخصيص جزء معين لعرض تجربة الفنان، أو جزء منها، ولدينا تجارب عديدة وناجحة برزت في معارض جماعية.. أما بالنسبة لنوع الدعم فهو يختلف ويتباين من جماعة إلى أخرى، ومن منشط إلى آخر».
.
.
وحول ما إذا كان انتسابه لجماعة ( تعاكظ ) مرحلة تأسيسية يأمل بعدها للانفصال وتقديم تجربته الشخصيّة منفردا، يجيب بقطعية: «تعاكظ هي الأصل، ولم تكن يوماً مصدر تعطيل لي لكي أنفصل عنها, وكيف أنفصل عن جزء مني يمثلني وأمثله؟!. إن تجربتي الشخصية برزت من خلال تعاكظ، ولقد اختصرت الجماعة علي وعلى أعضائها الكثير والكثير من المسافات والجهود التي تقف عائقاً أمام الفنان, وبالفعل لقد أوجدتْ مناخاً تشكيلياً واعياً في منطقة غاب عنها الحراك التشكيلي لسنوات طويلة».
.
.
من ناحية، شكّل التصفُّح الالكتروني ثورة مهولة تمردت على حدود المكان، وجدران الزمن. وعلى صعيد الفنّ بات يمكن للمتصفّح زيارة متحف اللوفر، أو المتروبوليتان على سبيل المثال دون تكلّف زيارة باريس، أو رحلة لنيويورك. لقد بات عدم تمكن زيارة المعارض الحية، أو البيناليات العالمية عذرا غير وجيه لعدم الاطلاع وتنمية الذائقة. ورغم اجتهادات ( تعاكظ ) وظهورها الإعلامي لا يتواجد للجماعة موقع على الشبكة الالكترونية.. سألنا فهد ألا ترى في ذلك تقصيرا في هذا الجانب؟ خاصة للاطلاع على فعالياتها ومعارضها لمن يتعذّر عليه الحضور؟ يردّ: «تعاكظ رغم كل ما تقدمه من منجزات تشكيلية بمجهودات ذاتية من قبل بعض أعضائها، ونجاحات يفتخر بها الكثيرون، لا يوجد لها مقر على أرض الواقع!! فهي تتلمس الدعم والرعاية وإيجاد مقر لها. ومن جانب آخر، نجد أن الفنان في الدول المستنفرة تشكيليًا يكون ضمن إطار مؤسسات متخصصة تقوم بالرعاية والدعم، بالإضافة إلى التنسيق والتسويق والتنظيم. وفي المقابل يتفرّغ الفنان لفنِّه فقط، أما نحن فنشاطر عملنا الفني مع مجهودات أخرى موازية له، علَّنا نخدم هذا الفن. وما نقوم به في تعاكظ هو محاكاة لبعض ما تقدمه هذه المؤسسات، بل تجاوزت طموحاتنا فكرة إنشاء موقع الكتروني».





-6-
«التناقض هو المَعْلَم الجوهري في الفن المعاصر»
_الناقد الألماني بيتر هوفمايستر_
.
بعض الآراء المتطرفة في الفن تعزز قيمة التناقضات في الأعمال الفنية، بمعنى أنه حين يثير العمل في الإنسان العادي ردة فعل غير متوقعة، كالاستنكار أو الانزعاج حتى، يمكن اعتبار ذلك حسنةً تضاف للعمل، وتؤكد جودته.ولطالما واجه منهج التجريب في كافة الفنون المحلية الكثير من الهجوم أو الاستنكار من عدة جهات.. بينما يتنقّل الفن التشكيلي بقفزات كبيرة تحت مظلة هذا المنهج دون أي تسليط إعلامي واضح أو تتبع نقدي.. فما أسباب ذلك برأي فهد القثامي؟ يجيب: «ضعف الاهتمام بالفنِّ التشكيلي من قِبَل الصحافة، وقلة الصحف والمجلات التي تهتم بالفنون التشكيلية هي الأسباب الرئيسية وراء ذلك، لدرجة أن الفنان إذا أراد أن يقدم تجربة تشكيلية يترتب عليه أمور كثيرة تُثقل كاهله، ولا يستطيع تحمّلها، بدءًا من دفع قيمة الصالة، وتصميم المطبوعات وطباعتها، وإرسال الدعوات، إلى كتابة المادة الصحفية للصحفي وإرسالها!! وقد تلقى نصيبها بالنشر الذي قد يكون مطلسمًا ومبتوراً وممارسًا عليه بعض الطقوس الغريـبة، وفي النهاية قد تهمّش وتُهمل، وهذا من تجربة واقعية نعيشها في الطائف».
.
.
وحول ما إذا كان التجاهل الإعلامي يساعد الفن التشكيلي على قفزاته التجريبية، من باب نجاح ما يُحاك بهدوء؟ أم يعزز الفجوة التذوقية في المجتمع؟ يجيب فهد: «أكثر ما يحبط الفنان هو التجاهل الإعلامي، سواء نجح المُحاك أو فشل.. إن نجح فلابد للإعلام أن يبارك هذا النجاح ويعطيه حقه، حتى وإن فشل فلابد أن يُذكر إعلاميًا، وتُذكر الأسباب التي أدَّت إلى فشله، وذلك عبر الانتقادات الموجهة، وآراء الجمهور والنقاد. إن الإعلام يعتبر وسيلة مهمة لنجاح الفنان وفشله، وهناك الكثير من التجارب الناجحة التي ظُلمت ولم يكن للإعلام أي دور فيها، رغم جهود المخلصين لهذا الفن. وأيضًا بالمقابل هناك العديد من التجارب الفاشلة، والتي كان للإعلام دور رئيس في نجاحها!».
.
.
.
- اتجاه -
..
صفحة (حكاية مسامير) على موقع اليوتوب