وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الثلاثاء، صفر ٠٩، ١٤٢٨

خبر// «مراجعات الماشي» .. الإصدار الأول لعبد الواحد اليحيائي


ا«مراجعات الماشي» .. الإصدار الأول لعبد الواحد اليحيائي
منال العويبيل - الرياض
صدر عن دار المفردات للنشر والتوزيع الإصدار الأول للمفكّر والقاص عبدالواحد اليحيائي تحت عنوان «مراجعات الماشي» الذي حمل ثيمة الكتاب الفكري بما يضمه من تأملات فلسفية خاصة بالمؤلف تجاه العديد من المواضيع المختلفة فكرياً وحياتياً معيداً للمشهد الثقافي خطاً غاب حضوره الفاعل في زحام السرد والشعر.
ويورد الكاتب في مقدمة إصداره ما يمكن اعتباره العنوان العريض لطرحه عبر صفحات الكتاب من حيث انطلاقه كمتسائل أكثر من كونه منتهجاً للخطاب التقريري، وإن سُلِّم عند قراءته بكونه ينزع للانطباعية الخاصة أكثر من نحيه للتقرير بصفة عامة.
ومما ورد في المقدمة:« أحيانا أتساءل : كيف ستكون حال الإنسان لو كان بلا قدرة على طرح الأسئلة؟حاله فردا.وحاله في مجتمعه.وحاله عبر مكانه وزمانه.هو كائن يجيد رصد تجاربه. وأيضا تطويرها من مرحلة إلى مرحلة باتجاه الأكمل.الكائنات الأخرى أيضا تفعل ذلك، لكنها إذ تفعل لا تتساءل ولا تسأل، يتوجه الإنسان إلى عقله الفردي وعقله الجمعي وإلى حدسه، وتتجه الكائنات الأخرى إلى غرائزها فقط، فيتطور بذاته، وتتطور هي أيضا لكن بتدخل غيرها (الله عند المؤمنين، والطبيعة عند آخرين، وأسماء أخرى عند غيرهم)، وهنا يعلن الإنسان مشيئته على الكوكب الحي الوحيد الذي وصلت إليه مداركه، فهو سيده بلا شك، وهو المتفرد فيه بلا منازع، والأصل في ذلك كله قدرته على التجريب، وقدرته على أن يسـأل ويجيب.

الأحد، صفر ٠٧، ١٤٢٨

تحقيق// مثقفات يطالبن بتلافي سلبيات معرض الرياض للكتاب في دورته السابقة

الأحد 1428-02-07هـ
2007-02-25م

قبل بدء الفعاليات بعد غد الثلاثاء
مثقفات يطالبن بتلافي سلبيات معرض الرياض للكتاب في دورته السابقة

منال العويبيل - الرياض
عبرت مثقفات عن اقتراحاتهن بشأن الدورة الجديدة من معرض الرياض للكتاب، وما يرغبن في تحققه فيها، وأشرن إلى السلبيات التي ساءتهن العام الفائت ولا يرغبن في أن تتكرر في معرض هذا العام الذي تنطلق دورته الجديدة بعد غد الثلاثاء.
توضح الشاعرة سناء ناصر أنها تأمل بشدة أن تتوافر جميع روايات ومؤلفات الكتّاب السعوديين التي مُنعت في المكتبات المحلية، وتوفير كتب أجنبية من اللغات مختلفة، وكذلك السماح للسيدات بحضور جميع الأنشطة الثقافية في كل أيام المعرض، بعكس ما حدث العام الماضي. إضافة إلى تنظيم تواجد رجال الهيئة، بحيث لا تسبب كثافة تواجدهم - كمعرض العام الفائت - إرباكاً لزوار المعرض خاصةً النساء.
وتطالب ناصر بعدم منع اصطحاب عربات التبضع الصغيرة لوضع ما نقتنيه فيها، مما دفعني لأخذ «كرتون» من أحد الأركان، وظللت أجرّه معي بصورة مرهقة، ففي حال عدم رغبة منظميّ المعرض في ابتكار الحلول من تلقاء أنفسنا أرجو منهم توفير حلول عملية من قِبَلِهم.
وتتمنى القاصّة هديل الحضيف استضافة الروائي التركي أورهان باموق الذي حاز مؤخراً على جائزة نوبل للآداب، بحيث يدشِّن حفل توقيع لمؤلَّفاته، إضافةً إلى ندوة مناسبة لعرض تجربته. وبصورة أكثر عمومية تتمنى جعل الفعاليات المصاحبة للمعرض كالندوات ثقافية فكرية بحتة، إلى جانب تخصيص بعض الفعاليات الفنية.
وتؤكد الحضيف أن تخصيص أيام النساء بعد أيام الرجال يضيع الكثير من الفرص الجيدة. وتتمنى أن تكون خرائط المعرض واضحة بما يكفي للزوار؛ لتجنّب إرباك العام الفائت.
وتلفت القاصة أحلام الزعيم النظر إلى ضرورة توفير منشور أدبي (دليل) يحصر ما تمَّ نشره خلال العامين الأخيرين عالمياً. إضافة لدليل منشور عن إصدارات مجال معين للرواية، وآخر للقصة، وثالث للشعر.
ولأن الفوتوغرافية أروى الحضيف كانت من اللاتي دأبن على حضور أغلب فعاليات معرض العام الفائت تقترح استقطاب الدور المهتمة بكتب الفن عامة، والفنون البصرية خاصة، وأن نلمس احتفاءً بالكتاب خاصة من الدول غير المعروفة.
وتشدد على ضرورة مواكبة المعرض للتقنية، بمعنى أن لا نحثّ الناس على اقتناء الكتب الورقية فقط، على حين يتجه العالم بسعي حثيث للرقمية. وتتمنى إلغاء التصنيفات التقليدية (السخيفة) وعدم مصادرة أي كتاب، أو توجيه أي شخص بشأن مظهره، أو طريقته، أو مصادرة رأي أي شخص بصفة مجملة. وأن لا يقتصر ضيوف المعرض والفعاليات على تيار أو توجّه واحد.
وتطلب أشواق الجحلان إطالة مدة المعرض، وتنظيم عملية الرقابة بحيث تتم في حدود المعقول خاصة المنع والفسح التعسفي، وضرورة تنظيم المعرض بصورة لا تكرر زحام العام الفائت.
ومن ناحية أخرى تأمل تكثيف المناقشات والأمسيات الأدبية، واللقاءات، وتنويعها قدر الإمكان، إضافة لعرضها عبر التلفزيون. وتقول: أتمنى عدم تكرار «سخافات» العام الماضي حينما سُحبت كتب معينة بصورة غير منطقية.
وتقترح هنوف عبدالرحمن توسيع مساحة المبنى الذي استضاف فعاليات العام الفائت تجنباً لفترات يمكن وصفها بازدحامات خانقة، كذلك ترجو تجديد مقره (أرض المعارض) حيث بدا العام الماضي بصورة سيئة ومستهلكة جداً. إضافةً إلى السماح للصحفيين والمراسلين بالتجوّل والتصوير بحريِّة أكبر، وتنظيم مهمات رجال الهيئة بطريقة منسَّقة. كما ترغب كذلك في زيادة عدد أيام المعرض، وتنويع دور النشر والكتب المستقطبة بصورة أشمل، ففي حال اعتبار العام الماضي كاختبارٍ للإقبال، فإنه بالفعل نجحت كافة الفئات في اهتمامها بالتظاهرة، وعلى المسئولين هذا العام الاجتهاد أكثر.
وتحدد خلود عبدالله أبرز آمالها في المعرض القادم في الحفاظ على النظام والنظافة العامة، وأن تتمكن من زيارة المعرض منذ اليوم الأول لاغتنام أفضل الفرص بعدالة موازية للجانب الرجالي. وتضيف: أتمنى ألا يستبد الباعة الأجانب بثقافتنا. ويكاد يكون على رأس قائمة ما أرغب اقتناءه هو كتاب «بقية الألق من عمر تولّى: سيرة ذاتية شعرية» للكاتب السوري محمد أديب جمران. أما الذي تتمنى غيابه فهو الهوس بالكتب الممنوعة، والحماقات التي يفتعلها المتزمتون من أي تيار كانوا.

الأربعاء، صفر ٠٣، ١٤٢٨

هل خليجنا واحد ثقافياً؟ 2-2


اليوم الثقافي
الأربعاء 1428-02-03 هـ
2007-02-21 م
حين نقارن الثقافة بعالم السياسة والرياضة: 2-2
هل خليجنا واحد ثقافياً؟
- القاصة الكويتية منال العنزي -


استطلاع - منال العويبيل
استكمالاً لتساؤلنا حول وصول المشهد الثقافي الخليجي لأفق يحمل تقارباً على الصعيد الإبداعي عززته مجموعة من العوامل المشتركة في المنطقة، وبما لا يشترط التماثل في النتاج العام، نستجلي بقية الرؤى حول الوضع الراهن في الجيل الجديد، وتطلعاته للقادم.


بدءًا تؤيد الشاعرة العمانية فاطمة الشيدي بروز خط ثقافي خليجي مشترك، حيث تقول: أعتقد _ ولكن خارج دوائر الإطلاق والجزم _ أنَّ ثمة الكثير من الملامح الثقافية الخليجية المشتركة، وذلك يرجع بشكل بدئي وأساسي إلى العديد من مقتضيات التكوينات (المشتركة) كالجغرافيا والتاريخ والحيز الحضاري، والمستوى الاجتماعي والمادي، والتي بدورها أفرزت الملامح السيكولوجية التي تشكل شخصية الكائن التي تبلورت وفق معطيات التشكل السيسيولوجي الذي يتشابه بشكل كبير وواضح في دول الخليج، هذه الدائرة الجمعية في شكلها العام تظهر هذا التشابه بصورة جلية، وبالتالي ينعكس هذا الحكم على بؤرة جمعية أقل، وهي فئة المثقفين في هذه الدول، التي تجمعها (إضافة إلى ما سبق) عوامل تقارب خاصة بالثقافة، وهي (متشابهة بالضرورة) كالروافد الثقافية (معارض الكتب، والمهرجانات، والملتقيات)، والتسهيلات التقنية التكنولوجية والرقمية، والمحظورات الاجتماعية والدينية، وخاصة باتجاه الدين والمرأة، كل هذا يمثل عوامل متشابهة إلى حد بعيد في تكوين المستوى الثقافي والمعرفي العام، خارج خصوصية الفكر واللغة لكل كاتب طبعاً (إلا من تطور خارج أطره الاجتماعية كبعض المثقفين الذين اختاروا الغربة خيارا شخصيا) هذا التكوين الثقافي المتشابه انعكس في نمط الكتابة وأدواتها المعرفية، ومساحات المطروق والمتجاهل والمسكوت عنه، والمعارك الخاصة في الوسط الثقافي كمعارك التابو وقصيدة النثر، ولاحضورية الأنثى إلا بخفر في أوساط المثقفين، وغير ذلك من القواسم العامة والملامح المشتركة لثقافة جمعية، لها بعض ملامح الخصوصيات الداخلية بحكم مجتمعات متجزئة، تتعرض لبعض عوامل الاختلاف أو تتباين فيما بينها في درجات بعض الملامح أو المحظورات التي تستطيل في بلد وتتقلص نسبياً في بلد آخر.


وتؤكد «الشيدي» على تأثير الأجيال السابقة الواضح في الجيل الحالي إذ تقول: نعم شكلت الأجيال السابقة مرجعية ثقافية معرفية للجيل الحالي لما تلقته من تعليم (خاص أو أكاديمي) متباين، كما شكلت له ترساً ثقافياً تلقى حالة اشتداد ومواجهة المجتمع (النمط العقلي السائد) للكاتب (الكائن المختلف والمخالف). هذا بالطبع إذا كنا نتحدث عن الجيل السابق كأنموذج جميل، لأنه ثمة زاوية أخرى يمكن النظر من خلالها إلى جيل تقليدي كان تأثيره سلبياً كعثرة ضد الحداثة والوعي الجديد، وبذلك لم يؤثر إلا في تكوين رغبة الانعتاق من ربقة وعيه المحاصر بدوائر عقيمة، وبذلك كانت حالة تجاوزه انتصاراً للجيل الجديد.


وتخلص الشيدي من ذلك إلى القول: لذلك يشكل هذا الجيل حالة أكثر نقاوة من حيث شدة السطوع، وقوة الظهور، لما توفر له من مساحات أكثر امتداداً بحكم ثورة المعلومات والرقمية والاتصالات، مما عزز العلاقات الثقافية المشتركة، والتكوينات الإنسانية بين الكتّاب والمثقفين من مختلف الجغرافيات، وبذلك تجاوز محاصرة المكان والمجتمع والكائنات، كما تجاوز نسبياً الكثير من القيود الاجتماعية والدينية باتجاه حرية الحضور (خاصة المرأة والكتابة)، والكثير من القيود العامة التي كانت تواجه الكتابة والنشر، حتى كانت الكتابة مغامرة من الكائن ضد نفسه وضد المجتمع، لتبقى مغامرة الجديد والخاص والإبداعي هي النقطة الهامة والمشتركة بين جميع الأجيال، كمرتكز معرفي يراهن عليه المثقف.


وحول اختلاف وتيرة الانطلاقة بين المثقف والمثقفة الخليجية بين الأمس واليوم تردف الشيدي قائلة: بشكل ظاهري لا أعتقد أن وتيرة الانطلاقة تختلف اليوم بين المثقف والمثقفة الخليجية، وإن كان من اختلاف فسيكون لصالح المرأة، فما إن تجازف المرأة بحضورها الثقافي المعرفي حتى تهب لها الأيدي لتشكل لها جسراً عونياً للمساعدة في الصعود والظهور والنشر والتكريس كاسم ثقافي فيما بعد، وهذه الظاهرة بما تحمله من سلبية أو إيجابية، تعود بشكل أساسي لقلة عدد المثقفات والكاتبات في الأوساط الثقافية الخليجية بشكل خاص، والعربية بشكل عام. ولكن هناك خللا بينيا مستورا، وهو ديني/ اجتماعي المنشأ والتكوين، فمجازفة المرأة الخليجية أو حتى العربية بالحضور الثقافي ليس بالأمر الهين، فهي في البدء تحتاج للانفكاك من ربقة العادات والتقاليد التي تجعلها حرة فيما تريد، وتسمح لها بممارسة ما تحب خارج إطار الوصاية من كائن/ كائنات اجتماعية وقبلية تشكل المرجعية الاجتماعية الأولى لكل ما يصدر عن المرأة. كما أنها بذلك قد تجازف بالمستقبل الطبيعي للكائن، وهو تكوين أسرة؛ لأنها أصبحت كائنا فضائحيا (وفق الرؤية العربية) غير صالح لهذه المهمة، وبذلك فإن حضور وانطلاقة المرأة الخليجية البدئي، لا يكون من نفس نقطة الرجل؛ لذلك فالمقارنة غير جائزة هنا.


وترى الشيدي أنَّ الأسباب كانت ولازالت، وقد تبقى لعدة أجيال في المجتمع الخليجي غير المتجانس بين تقدم علني في أساليب الحياة، وتخلّف ضمني عميق وجارح في البنية الاجتماعية والثقافية مما يشكل فصاماً، كما أنني أستطيع أن أضيف وبثقة أن هذا الفصام يشمل العقلية العروبية بشكل عام، وليس المجتمع الخليجي فقط.وترفض الشيدي تنصيب بلد معين نال مبدعيه الضوء الأكثر، فتقول: تحديد بلد بعينه يعتبر حكماً مطلقاً، والأحكام المطلقة مظللة وظالمة غالباً، فالمسألة هنا مسألة مثقف، وليست مسألة قطرية أو مسألة بلد بعينه، فالعديد من مثقفي البحرين والسعودية وعُمان والكويت والإمارات وقطر قد نالوا حظاً من التشكل الثقافي الرائع مع الظهور والعالمية أيضاً، وإذا أضفنا العراق واليمن، فبهما العديد والعديد من المثقفين الذين جمعوا مستوى التشكل والظهور والعالمية معاً كذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار التباين في مساحات الظهور، وقوة النتاج الثقافي بين أديب وأديب، وليس بين بلد وبلد، ففكرة الانتماء القطري لا تمثل ثقافة كائن، ولا تحدد مستواه في عصر تقارع فيه التيارات الخارجية الداخل بقوة وكثيراً ما تهزمه، وإن كانت قد تمثل هويته في بعض الأحيان.


وفي ذات السياق ترفض الشيدي تحديد أبرز الأشكال الثقافية المحظية باهتمام فاق سواها، فتقول: هذا التحديد يعتبر حكماً مطلقاً أيضاً، وبذلك فعملية اختيار فن تكون مظللة وظالمة، ولذلك فلا يمكن إطلاق حكم محدد هنا. إلا أنه وبشيء من الاطمئنان يمكن القول: إنه عصر زعزعة الأشكال، وارتباك الكائن، لذلك فكلما تداخلت هذه الأشكال معاً، وتقاطعت في عمل فني مائز يجمع الصورة واللغة والرؤى البصرية والفنية والموسيقى ليوحد بين هذه الأشكال والمتلقي معا يكون الاهتمام أبلغ، والمتابعة أكثر. إننا في زمن أثقل الكائن بماديته، وفجاجته، ورعبه، لذلك يحتاج هذا الكائن الفنون لتصالح بينه وبينه، وبينه وبين الآخر، وبينه وبين المكان، وبينه وبين الواقع. كما أن معظم الأشكال باتت مستهلكة وعاجزة عن ربط المتلقي بخيوطها الرفيعة في عملية المشاهدة أو الاستماع، لذلك نحن الآن بحاجة لعملية تدليل للحواس جميعا، واستنهاض للموتى في دواخلنا، وتحفيز للحواس العاطلة عن العمل، أو المترهلة من كثرة الضجيج أو الصمت، ومن شدة السطوع أو البهتان.


وتتابع قائلة: إننا بحاجة لشعر لا يلقى، وسرد لا يقرأ، وصورة لا ترى، وموسيقى تتكلم، ومسرح نحياه. إننا بحاجة لأنواع جديدة من الفنون خارج القوالب الجاهزة، فنون نشعرها، ونحسها، ونشمها، ونلمسها؛ لندخل بها وفيها عصراً جديداً من اللغة والأدب والفن، وتدخل بنا دائرة الجديد والإبداع الذي يخلقنا أبداً مبدعاً جديداً، ومتلقياً جديداً.


وعمَّا إذا نجحت السياسة والرياضة في تكوين تقارب فشل فيه المثقفون تجيب الشيدي: أعتقد العكس وبشدة واسمحي لي أن أعكس سؤالك في جملة خبرية تقريرية وهي أن الثقافة نجحت في تكوين تقارب فشلت فيه السياسة (ممثلةً بمجلس التعاون)، والرياضة (ممثلة ببطولات الخليج). لأن الأولى لم تقدم الكثير مما كنا ولازلنا نحلم به كشعوب وأوطان تمثل كتلة جغرافية وروحية واحدة خارج إطار التسمية التي لا تزال فارغة من مضامينها العلائقية وأبعادها المتعددة، في حين عزفت (الرياضة) على وتر التفرقة، والانتماء العنصري لأوطان صغيرة خارج إطار ظلها الأكبر. وأعتقد أن الإعلام بجميع قنواته المقروءة والمكتوبة والرقمية والدرامية، هو الذي يحمل الرسالة الأكبر والأسمى لتعزيز الأدوار الثقافية، وبناء جسور تربط بين المثقفين، كما نجح نسبياً في تكوين الدراما الخليجية المشتركة والمشاهد الخليجي والعربي المشترك.



القاصة الكويتية منال العنزي تؤيد حضور تقارب خليجي على الصعيد الثقافي،تقول: أجد أن هناك بعض الملامح الثقافية المشتركة، والتي يلحظها الآخر بوضوح في مجتمعنا الخليجي. فالتجانس الثقافي حصيلة لتجانس عوامل أخرى، جميعنا يدركها من وحدة اللغة والدين الإسلامي والعادات والتقاليد، والكثير من العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي شكَّلت ملامح الثقافة الخليجية.


وعن تأثير الأجيال السابقة في الجيل الحالي، والإشكالات التي تجاوزها هذا الجيل، تقول: الأجيال السابقة أثَّرت بشكل لافت على الجيل الحالي من حيث النمط التفكيري، والتطلع نحو التجديد، ولا نغفل النظرة النقدية التي لعبت دوراً تنويرياً تغييرياً. وأظن بأن لا يوجد تجاوزات بمفهومها الدارج.


وحول الاختلاف بين حضور المثقف والمثقفة الخليجي توضح العنزي قائلة: تختلف الانطلاقة بشكل ملحوظ كما كانت في الجيل السابق، حيث كانت العادات والتقاليد تحشر في كل إبداع تطمح له المثقفة، بينما يُسمح للرجل فعل كل شيء (سابقاً) حيث بدأت تتلاشى في وقتنا الحالي، بَيْدَ أنَّ المثقفة تحاول بقدر الإمكان مسايرة الوضع الثقافي، وملامسة جوانب الإبداع فيه، ونجدها اليوم تتفوق على الرجل بشتى الجوانب، ولكن يبقى الاختلاف موجود كما كان في سابقه.


وحول البلدان البارزة في النشاط الثقافي، وأهم الفنون، تقول العنزي: أجد أنَّ الكويت مازالت تحظى بالعديد من المثقفين الذين حاولوا جاهدين للوصول إلى بقعة الضوء، ومازال الحصاد الثقافي زاخرا بالإبداع، ونجد الشعر سيد الموقف في كل حدث ثقافي. وتختم العنزي بأنَّ السياسة متهمة في قضية الفشل التقاربي بين المثقفين، حتى إنَّ الرياضة على شفا حفرة من التلاشي. منوهةً بأننا وصلنا إلى مرحلة البحث عن السبب والمسبب.

الثلاثاء، صفر ٠٢، ١٤٢٨

تحقيق// هل خليجنا واحد ثقافيا؟ 1-2

الثلاثاء 1428-02-02 هـ
2007-02-20 م

حين نقارن الثقافة بعالم السياسة والرياضة: 1-2
هل خليجنا واحد ثقافيا؟
الروائية الكويتية ميس العثمان


استطلاع – منال العويبيل

إنَّ توافر العديد من العوامل المشتركة في منطقة الخليج العربي يعزز وجود منظومة من التفاعل الإيجابي على الصعيد السياسي (ممثلاً بمجلس التعاون الخليجي)، والجانب الرياضي (عبر عدد من البطولات الدورية)،إضافةً للتقارب الاجتماعي الذي أفرز العديد من العلاقات، أجلاها المصاهرة بين الدول.

وإذ نتساءل اليوم عن تشكّل ملامح واضحة لما يمكن وصفه بثقافة خليجية مشتركة تحمل خطوطاً من التقارب، نستطلع بعضاً من الرؤى الداخلية النائية عن تنميط الخارج الذي حصر المبدع الخليجي لفترات طويلة بإطار ثقافة نفطية مترفة!.


بدايةً تقول الشاعرة البحرينية وضحى المسجن عن مدى تشكّل ملامح ثقافة خليجية مشتركة حالياً بأنَّ ملامح الثقافة، سواء كانت في الخليج أو في أي منطقة أُخرى تتعلق بالمعطيات التكوينية للمجتمع، والثقافة في الخليج تشكلّت ملامحها عبر مراحل عديدة وصولاً لثورة الحداثة في الستينات، ثم المجتمع الرقمي، لذلك لا يمكن تجزئة الثقافة بشكل تجييلي، بحيث تكون فيه فئة الشباب من المثقفين ذات خصوصية منفصلة تماماً عن الجيل السابق، فظهور النفط في فترة الثلاثينات والأربعينات وما أعقبه من تطوّر في البيئة الاجتماعية، لابد أنه ترك أثراً على البنية الثقافية، كما أن فترة المد الثقافي في الخمسينيات والستينيات أحدثت موجات تحررية على الصعيد السياسي والاجتماعي ما جعل منطقة الخليج تخرج من طور المجتمع المحافظ لمجتمع أكثر انفتاحاً.


ملامح الثقافة في منطقة الخليج في الوقت الراهن بدأت بالنكوص، من خلال عودتها للطابع الديني المُحافظ، وهذا الطابع الذي اكتسبته ثقافة هذه المنطقة في الوقت الحاضر يرجع لكون جيل الشباب جيلا تشكّل في فترة صراعات، حرب الخليج، ثورة إيران واستحضارها للجانب الديني، كل ذلك جعل المجتمع الخليجي يتراجع عن مكتسبات الستينات. إضافة إلى أن سقوط الأيدلوجيات الكبيرة جعل المثقف الحالي يحتفظ بأيدلوجية أخرى وهي الأيدلوجية الدينية رغم إغراءات الأيدلوجيات الأخرى.


وتتابع المسجن قائلة: لعل في نظرية النقد الثقافي كما طرحها الدكتور الغذامي، وكما تبنّاها العديد من المثقفين الشباب في الخليج، بما تحمله من فكرة (تصحيحية) وأخلاقية، دليل جيد على ملامح تشكّل هذه الثقافة في منطقة الخليج الآن.وعن تأثير الأجيال السابقة في الجيل الحالي وأبرز الإشكالات التي تجاوزها هذا الجيل مقارنة بالسابقين بما عزز تقارباً خليجياً أكبر على الصعيد الثقافي، تقول المسجن: مسألة تجاوز المنجز فيها شيء من اللامعقولية، ليس لأن المنجز مميز بحيث لا يمكن تجاوزه، ولكن لأن الثقافة شأنها شأن أي بنية مجتمعية، تسير بشكل تراكمي يتأثر فيه اللاحق بسابقه، ويُضيف إليه، أو يقدم مختلفاً عنه لكن مستقٍ منه كقاعدة أولى.


أما أبرز النقاط المشتركة حالياً، والنقاط التي مازالت قيد الاختلاف على صعيد الثقافة الخليجية فترى المسجن أن جوانب الاقتراب أو الاختلاف تختلف من جانب إبداعي لآخر، وتختلف كذلك من شخص لآخر، بشكل يصعب التنبؤ فيها. لكن ما يظهر من ملامح التقارب أو الاختلاف بين الجيل الحالي والجيل السابق، يمكن أن أقول فيه أن الجيل الحالي أقرب إلى استيعاب اللغة، وأكثر اقتراباً من الشعِرية على الأقل في لحظة النتاج الإبداعي والشعِري خصوصاً، كما أن علاقته بالدين أقل تعصبيّة، وهذا ما يجعله أقل اعترافاً بالمحاذير في الجانب الإبداعي.


وتضيف: الثقافة في منطقة الخليج محكومة في عمومها بالالتصاق بالموروث والتقاليد أكثر من غيرها من بلدان الوطن العربي، ومن جانب آخر فهي مناطق كسولة في الحراك الثقافي لذا يلزمها وقتاً لتقدم منجزاً ثقافياً يمثل هذه المرحلة خصوصاً في ظل ما يحدث من نكوص عما حققه الجيل السابق، وعدم الإضافة إليه بشكل جدّي. على أن هذا الكسل في الجانب الثقافي بحسب المسجن يعد ميزة مهمة من جهة كونها تسير في حركتها الثقافية ببطء، مما يجعلها أكثر ثباتاً وأكثر إمكانية في تقديم نتاج ثقافي فاعل.


وحول الاختلاف بين وتيرة الانطلاقة بين المثقف والمثقفة الخليجية، وهل هي ذات الأسباب المعيقة للجيل السابق تقول: الذكورة والأنوثة يمثل كل منهما هوية ثقافية، والانطلاقة مسألة نسبية بالنسبة للمثقف والمثقفة، وكل ما هنالك أن التنظير للفحولة في الأدب والثقافة جعلت واقع الحياة الثقافية ذكوريا، فإمكانية وجود المثقفات يُخطئنّ مقولة «ليس في الإبداع أنوثة» ليس مستحيلاً غير أن انسياق المثقفة في اللاوعي لنظرية المتن والهامش، التي أسست لكون الأدب الحقيقي أدب الرجال، وأن المرأة لا يمكنها تكوين مشروع ثقافي حقيقي، خصوصاً مع مستوى تقبل المجتمع الخليجي لوجود المرأة المثقفة و الأديبة بالتحديد.


وحول البلدان الخليجية التي ترى المسجن أن مثقفيها نالوا النصيب الأكبر من الضوء والجودة الإنتاجية، والأشكال الثقافية التي أخذت تحظى بالاهتمام أكثر من غيرها، تقول: الفعل الثقافي في الوطن العربي ككل بما في ذلك منطقة الخليج يتصاعد بشكل مستمر، لكن تفعيل الحياة الثقافية يتطلب حركة إعلامية أكبر، بالنسبة لمجتمعات تشكل الثقافة بالنسبة إلى غالبية أفرادها جانبا هامشيا. فيما يتعلق بالإنتاج الأدبي تشغل المملكة السعودية دورا مميزا مختلفا عن باقي دور منطقة الخليج، رغم كون الحراك الثقافي فيها محكوما بطبيعة البنية المجتمعية المحافظة.


نجد ذلك فيما قدمه عبده خال وعبدالرحمن منيف على في الجانب الأدبي الروائي وتتساءل (هل هناك فعل ثقافي في أي دولة خليجية قدم نتاجاً كهذا؟) وتقول: هناك ربما في المشهد الثقافي البحريني أدباء قدموا نتاجاً مميزاً. لكن الفعل الثقافي في منطقة ما لا يؤخذ في جانب واحد مثل الشعِر أو الرواية أو المسرح، لابد أن يؤخذ في الاعتبار أيضاً حركة التنظير الثقافي لهذه النتاجات، وربما هذا ظاهر بشكل أكثر اكتمالاً في السعودية من خلال حركة النقد الثقافي التي قدمها الغذّامي (بغض النظر عن وجهة نظر بعض المثقفين مما قدمه الغذّامي). ولم يتضح تماماً في باقي دول المنطقة.


وتخلص المسجن إلى أن الموازنة صعبة عموماً بين نتاجات هذه الدول بسبب تأخر النهضة الثقافية لدى بعض هذه الدول، فسلطنة عمان مثلاً يصعب أن نضع نتاجها الثقافي في مقارنة مع غيره من الدول في الخليج؛ لأنها قضت وقتاً طويلاً في مرحلة انغلاق بحكم طبيعة الحياة في عهد تيمور آل سعيد، والتي تركت بدورها تأثيراً على البنية الثقافية في عُمان.


وفي مجال الشعِر تشهد المنطقة نوعاً من الطفرة بحكم الثورة المعلوماتية، لذا فالنتاجات الشعِرية لفئة الشباب تكوّنت بشكل غير متدرج و أحياناً غير واع بعكس تجارب الجيل السابق التي كانت نتاج اشتغال ثقافي فعلي.وحول إذا ما نجحت السياسة والرياضة في تكوين تقارب فشل فيه المثقفون تقول المسجن: الثقافة فعل مضاد للسلطة، بمعنى لا يمكن إدراجها ضمن شكل مخطط كما هي أمور الشأن السياسي، وهذا يُبقى اهتمام المؤسسات السياسية بالثقافة ظاهريا، باعتبار صعوبة إعطاء الثقافة توجها محددا مُسبقاً وفقاً لتوجهات فكرية معينة.



ومن جهتها توضح الروائية الكويتية ميس العثمان رؤيتها حول تشكّل ملامح ثقافة خليجية مشتركة، إذ ترى أنَّ روح الشباب مشتركة كتابيا شئنا أم أبينا، فنرى من خلال قراءاتنا لمختلف أوجه الكتابة والإبداع نمطاً متقارباً من المفردات والحالات والتوجهات، الأمر الذي عزز من حضورها وتواجدها هي كل الأحداث المتعاقبة التي مرّت ولا تزال تمرّ علينا كجيل متقارب مكانياً وإقليمياً، كذلك القراءات التي صارت متشابهة متقاربة إلى حد كبير، نتيجة لتلاقي الأذواق الذي سببه التواصل الجيد جداً، والعجيب الذي قدمته شبكة الإنترنت، والمنتديات والمواقع الشخصية، تلك التي تبحث عما هو جديد ومميز، ومن خلالها ينصح المبدعون بعضهم بضرورة قراءة المادة الجديدة التي تستحق.
وتضيف العثمان بقولها : الأجيال السابقة مدارس اجتماعية إبداعية، لكل منهم طريقته ونمطه التي شغلت القراء لفترات ليست بالقصيرة من الزمن، وربما يمتد تأثيرها إلى يومنا الحالي، وقطعاً صبّت عصارتها في كتاباتنا الحالية، إنما هذا لا ينفي أبدا أن لمبدعيّ الوقت الحالي مدارسهم الخاصة أيضاً، والتي لها رؤيتها الخاصة تجاه الأشياء والأماكن والأزمنة والمشاعر والوصف، أما بالنسبة للإشكالات التي كانت تعترض من سبقنا، فهي قلة التواصل الذي نراه اليوم متسارعاً، ويحدث في أقل من جزء من الثانية، هذه الشبكة الوسيطة التي قرّبتنا من بعضنا، وقربتنا إبداعياً من دور النشر التي كان السفر إليها هو الحل الوحيد لمباشرة طباعة كتاب جديد، فكم من الأصوات/ الأقلام/ الأصدقاء صرنا نلتقي خلال أسبوع واحد!.
أما أبرز النقاط المشتركة حالياً، والنقاط التي مازالت قيد الاختلاف على صعيد الثقافة الخليجية فتقول العثمان: الهم الإنساني هو النقطة المشتركة بلا شك، وتبقى الكثير من النقاط قيد الاختلاف، ولا أستطيع تحديدها لأن لكل مبدع همّه الأوحد كتابياً، ونظرته تجاه الأشياء والحالات.وحول تفاوت الفاعلية بين المهتمين بالشأن الثقافي نساءً ورجالاً تقول العثمان: سبب الاشتعال/ الانطلاقة لدى المبدع والمبدعة الخليجية هي واحدة، وأتحفَّظ على كلمة مثقف، إذ ليس كل مثقف مبدع، والعكس صحيح، سبب الانطلاقة غالبا ما تكون صرخة ما، فكرة جديدة عن السائد، نمط حياة، انتفاضة كبرى، كل هذا وربما أكثر بكثير، أسباب الإبداع وفيضه في أي جيل كان.
وحول البلدان التي نال مثقفوها النصيب الأكبر من الضوء تقول العثمان: الإعلام يا عزيزتي يحدد الأولويات، ورغم ما تحمله هذه الحقيقة من وجع لكنها دائمة الحدوث، نراها مجسدة يوميا في الصحف والمجلات والصفحات الثقافية والأخبار والمنتديات والتحليلات، نرى البعض قد نال ما ناله من شهرة وضوء وفرش إعلامي لائق جداً بما يكتبه وبفكره الخاص، والبعض الآخر يشعر ويعرف تماما بأن هذه الهالة الإعلامية لا تناسبه ويتحسس صغره بداخلها، بل لا يكون قادرا على استيعاب حجم الضوء المحيط به، هكذا هي العملية الإعلامية والخبطات الصحفية وغيرها، ويظل القارئ الحقيقي هو القادر على تحديد أيهم الأفضل.
أما أبرز الأشكال الإبداعية التي حظت بالاهتمام فتقول عنها: لا أظنني قادرة على تحديد أي منها يحظى دوناً عن غيره بالاهتمام الأوسع، إنما بدأت ظاهرة جميلة، وهي تزاوج الفنون ببعضها، وتنم عن وعي خاص، بحيث صار هناك مسرح شعري، أو تشكيل فني تصاحبه نصوص سردية، أو أي نشاط إبداعي يصاحبه نشاط على الهامش يشبه المعرض وحفلات للتوقيع وغيره، وإن كنت أرى أن للشعر متذوقيه، وللسرد الروائي تحديداً عشاقه.
وترفض العثمان فكرة تفوق السياسة والرياضة في خلق تقارب فشلت فيه الثقافة، فتقول: إنني أرى أنَّ المثقفين العرب والخليجيين تحديداً وصلوا دون منظمات رسمية إلى تقارب إنساني رائع جداً، فشلت فيه للأسف أعتى المنظمات والحكومات، فليس أجمل من تحرّك إنساني حقيقي خالص يهدف إلى شيء نبيل.

الخميس، محرم ٢٠، ١٤٢٨

خبر// في الجزء الثاني من سيرته الافتراضية .. حامد بن عقيل يصدر «سبينوزا»

الخميس 1428-01-20هـ
2007-02-08م
في الجزء الثاني من سيرته الافتراضية .. حامد بن عقيل يصدر «سبينوزا»0




منال العويبيل - الرياض

صدر للشاعر والناقد حامد بن عقيل «سيرة افتراضية .. سبينوزا» ليكون الجزء الثاني من سيرته الافتراضية «مسيح « التي أخَّر العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان موعد نشرها عبر «الكنوز الأدبية» في بيروت. قسم المؤلَّف كتابه لأربعة فصول عُنونت بـ « تيه «, « فاغنر», «سبينوزا», و»شمال الروح».
كما في تجربة الجزء الأول «مسيح» يشارك في «سبينوزا» عدد من الكتّاب المحليين والعرب في تضمين السيرة مثل الشاعرة هيلدا إسماعيل، الناقدة خلود سفر الحارثي، القاصّة أمل زاهد، القاصّ طلق المرزوقي، الكاتب حمود أبو طالب، الشاعر المصري أحمد محجوب، وللمرة الثانية بعد مشاركتها في «مسيح» تشارك القاصة السورية سوزان خواتمي، وتولت التشكيلية عبير الأنصاري تصميم الغلاف.
وقد حمل المؤلَّف نزعة عميقة في التفكّر في الحياة، وكينونة الإنسان.الجدير بالذكر أنَّ تجربة السيرة في جزئها الأول جاءت أشبه بالتوثيق للسيرة الافتراضية التي دوَّنها الشاعر عبر الشبكة الالكترونية، واختلفت حولها ردود الفعل. والتي يُتوقع للجزء الثاني منها ذات النصيب من التفاعل.
وفي نصٍّ حمل عنوان « القُبلة التي جعلتني ضفدعاً « يقول ابن عقيل:« لم أقل شيئا، لم أحتج، ولم أنبس ببنت شفة. فقط، هجستُ في داخلي كثيرا وأنا أشاهد في جمع من الناس فيلما سينمائيا. لم يلفت انتباهي أن من في قاعة السينما متشابهين إلى أبعد حدّ، ولم أستنكر أنهم يرتدون الزّي نفسه. كل ما حدث أنني سألتُ نفسي: كانت بطلة الفيلم تحمل مولودا وتمثّل طبقة برجوازية، ثم تحوّلتْ في المشهد التالي إلى فتاة صغيرة تعمل بالسّخرة!!، كيف حدث هذا؟!. ولم أفق من تساؤلي إلا على وقع الركل الجماعي الذي تناوب على قفاي ليخرجني من المدينة، ثم تُغلق الأسوار».
تجدر الإشارة إلى أن المسمَّى « سبينوزا « منسوب للفيلسوف «باروخ سبينوزا» (1632-1677)، الذي رسَّخ المنحى الأخلاقي في الطرح العقلي للفلسفة، والذي رغم تضمين فلسفته للجانب الإلهي فقد تعرَّض للتكفير والإقصاء من المجتمع اليهودي الذي ينتمي إليه. فقد أنكر سبينوزا على الناس هوسهم بالمعجزات الخارقة، فأوجد نظرية تؤكد «أن قوانين الطبيعة العامة وإرادة الله الخالدة هي شيء واحد، إن كل ما يحدث في العالم لا يخضع لنزوات حاكم مطلق كالملوك الأرضيين، وليست الحياة شراً والله خيراً، بل الحقيقة كما علمها الله لأيوب هي أن الله هو فوق خيرنا وشرنا، وأن الخير والشر نسبيان، وفي الغالب يعودان إلى أذواق البشر وغاياتهم».

الثلاثاء، محرم ١٨، ١٤٢٨

تحقيق// انتعاش النقد المحلي بين الموضوعية والمبالغة

الثلاثاء 1428-01-18هـ
2007-02-06م

انتعاش النقد المحلي بين الموضوعية والمبالغة

نبيل المعجل: الكثير من المتلقين لدينا لم يعد يهمهم رأي الناقد
خلود الحارثي: إذا صرَّح ناقد بعدم جودة عمل معيّن فعليه إثبات ذلك


منال العويبيل- الرياض
لقد تحولَّ الناقد الأدبي في مرحلة جديدة من نقلات العملية النقدية إلى مجرد قارئ يقارب الحقيقة النصية ويعيد إنتاج النص من جديد بالوصف والتفسير والتأويل والكشف.. وإثر انتعاش الرؤى النقدية في الفترة الفائتة، والتي واكبت زخم الإنتاج الإبداعي المحلي عبر اهتمام الناقد المحترف أو غيره في تسليط الضوء على عدد من الأعمال إعلامياً، مما أكسبها حظوةً لدى شريحة من المتلقين.. نستجلي آثار هذا الانتعاش، ومدى فائدة أو ضرر قبيل هذا التوجه على الحركة الإبداعية المحلية.. فتقول الناقدة «خلود سفر الحارثي»: إنَّ من شأن انتعاش الأدب أنْ يتبعه انتعاش النقد، وكما أنَّ الأدب يتدرَّج من التميز إلى العادية والابتذال، فالنقد يتدرَّج من التشجيع إلى التهميش، وإن كان السؤال عن التسليط الإعلامي على بعض النتاج الأدبي فلا بدَّ أن نفرّق بين النقد والإعلام، النقد علم، وفن، ومسئولية، وأمانة، ولا بد أن يمارسها متخصص.
أمَّا الإعلام فله مقاييس أخرى من صناعة النجم إلى ترويج السلع - أياً كانت - ولا بدَّ من إيجاد نجم جديد كل فترة، وهذا النجم لا يشترط فيه الإبداع، ولا في إنتاجه الجودة؛ لأنَّ للنجم أيضاً مواصفات أخرى.وعن طول نَفَس المواكبة الإعلامية/ النقدية للمنجز الإبداعي تُردف «خلود الحارثي» بقولها: هذا التسليط الإعلامي وقتيّ لا يستمر مع الأديب طيلة مشواره، فالإعلام يبحث دوماً عن الوجوه الجديدة، ولهذا فإنَّ الأديب وإنْ وجد مساندة من الإعلام في بدايته فلابدَّ له بعد ذلك أن يثبت جدارته، ويعتمد على موهبته، وعلى فرض عدم مساندة الإعلام للأديب في نتاجه الجديد، فإنَّ ذلك يشكّل لديه إحباطا، ويشككه في نتاجه الذي ربما يكون أفضل من الأول.
أما النقد الذي يتناول النتاج بالتشريح والتحليل فهو ولا شك يقدم فائدة كبيرة للحركة النقدية على المستوى النظري والعملي، وهذا يرفد الساحة الأدبية والنقدية بالمثير والمحفّز سواء كان النقد بالإيجاب أو السلب، فهو يصب في صالح المشهد الثقافي في البلد.وحول أثر المد النقدي عبر الإعلام على القارئ العادي توضح «خلود الحارثي» بقولها: بالنسبة للقارئ فهو وإنْ تأثَّر بآراء النقاد والإعلاميين في بادئ الأمر، فإنّه وبعد قراءة النتاج المعلن عنه لن يُخدع أو يتأثر بتلك الآراء في نتاج آخر، وبهذا يفقد مصداقية المعلن أو المادح.وكحالة محددة، نورد ما حصل في الندوة التي أقيمت في نادي الرياض الأدبي في وقت سابق، والتي انتقد فيها «خالد الرفاعي» «تركي الحمد» إلى حد تجريده من لقب أديب، معتبراً إياه أنه لا يكتب أدباً، وأنَّ اعتبار روايات الحمد كممثلة للرواية السعودية ينطوي على ظلم للمنجز الروائي السعودي.
إضافةً لما انتهجه الناقد «د.عبدالله الغذامي» إذ أسقط «الحمد» من قائمة الروائيين السعوديين.. نطرح التساؤل حول هذه الأطروحات وما تمثّله من مكاشفة موضوعية أو هجوم مبالغ لتجيب «الحارثي»: إنَّ النقد الذي يخرج للتجريح في شخص الأديب ليس بنقد، أما إذا صرَّح ناقد متخصص بعدم جودة عمل معيّن فعليه أنْ يُثبت ذلك بطريقة عملية، وعلى الكاتب أن لا يُغضبه ذلك، فليس فيه أيَّ خدشٍ لإنسانيته، وليس من المفترض في كل إنسان أنْ يكون شاعراً أو روائياً أو مبدعاً، لكنْ أنْ يصل الأمر لنزع صفة أديب عن كاتب له مشوار طويل وأعمال مشهود لها - وإن كانت لا تناسب كل الأذواق فهي تناسب البعض الآخر- فهذا مجحف بعض الشيء. ومن الأفضل- كما تختم أن يكون الأمر كما يقول «الدكتور مصطفى ناصف»: (إذا لم يجد الناقد متعة في عمل فني، أو لم يستطع أن يكبح كراهته، فمن الأفضل ألا يكتب عنه).
وهذا الرأي جيد، حيث يفتح مجالاً لتعدد الآراء، وعدم الحجر على أي ذوق أو حرية، لكن يبقى هناك حد أدنى من المعيارية الفنية في أي عمل.
الكاتب نبيل المعجل يقول: لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل الحركة الإبداعية (محلية وعالمية) عن النقد، واهتمام الناقد المحترف والانطباعي، فكلاهما مكمّل للآخر، فلا توجد حركة إبداعية أدبية من دون حركة نقدية، والعكس صحيح.
وقال المعجل: هناك إيجابيات كثيرة تصاحب النقد، وتتخطى السلبيات بمراحل، وهنا يجب أن نفرّق بين توجهات النقاد بالذات حينما يكون النقد منصفاً وغير مؤدلج. وقد رأينا في الآونة الأخيرة بعض الكتابات النقدية التي تركت العمل الإبداعي جانباً، وأخذت تركّز على شخصية الكتّاب، وخلفيتهم الثقافية، والاجتماعية، وحتى الدينية.
وحول ما إذا كانت الحالة الراهنة تشكّل طفرة إيجابية نقدية في الساحة الثقافية المحلية يجيب المعجل: هناك قصور فاضح عند عدد كبير من النقاد المحليين في التواصل مع أفراد مجتمعهم، حيث أنهم قليلو التفاعل مع ما يحتاجه المثقف والقارئ الناشئ، فتجدهم - بقصد أم بجهل - يضعون حاجزاً كبيراً بينهم وبينه من خلال انتقائهم مفردات وأساليب حوارية صعبة الفهم، أو غير متداولة كثيراً.. ولا أدري ما الدافع، وإن كان يبدو لي هو الاستمتاع بتفوقه (الوهمي) على الآخرين، وهو هنا يجهل أنَّ نسبةً كبيرةً من المتلقين لم يعد يهمهم رأي الناقد لدينا، وللأسف أحمّل المسؤولية على النقاد، فهم الذين ظلموا أنفسهم بوجه خاص، والحركة الإبداعية بوجه عام.
وكلي أمل مع هذه الطفرة الإبداعية الجميلة (على الرغم من كثرة الغث) أن يرتقي النقاد إلى مستوى يساعد هؤلاء الكتّاب الشباب في مشوارهم الإبداعي، وأن لا يكونوا حجر عثرة في طريقهم.ومن موقعي كقارئ انطباعي - كما يردف - أحب أنْ أشارك القراء بجميع مستوياتهم وخلفياتهم الفكرية والثقافية في جميع ما أقرأ وأكتب.
وقد دأبت مؤخرا على إرسال نشرة شهرية إلى عدد كبير من الأدباء والمثقفين، ولا أنسى القارئ العادي (وهو أكثر ما يهمني) تحتوي على تعليقات لا تتجاوز الخمسة أسطر عن كتاب أو رواية أقرؤها، وعادة تكون بين خمسة وستة كتب شهريا. إذ أحب أن يعرف القارئ، وبالذات الشباب والشابات منهم لماذا أعجبني كتاب ما ولماذا لم يعجبني كتاب آخر، وأشعر بسعادة متناهية عندما أرى أن القراءة بدأت تأخذ حيزاً معقولاً من أوقاتهم.
وحول رأيه في التصريحات النقدية التي طالت تجربة د. تركي الحمد الروائية يقول المعجل: أرى أن ما قيل يعد من قبيل الآراء الشخصية كأطروحات تفتقد الدقة مع كامل احترامي لشخص خالد الرفاعي، والدكتور عبدالله الغذامي، فعندما يصدر الغذامي نقداً يجرّد «الدكتور تركي الحمد من جميع مقوماته ككاتب وروائي فهذا إجحاف كبير لمقدرة تركي الحمد. نعم، أجدني أستمتع بتركي الحمد ككاتب مقال سياسي وتاريخي أكثر من الروائي، ولكن لم ولن يصل الأمر لأن أقول وأصرّح بأنه لم ولن يكتب أدبا.
فعدم توفيق الحمد في بعض رواياته، وبالذات في رواية (ريح الجنة) -كرأي شخصي- لا ينزع عنه صفة الروائي. ومن قبيل رؤية القارئ العادي تصف ريما الحسن الحالة بوجهة نظر موجزة وتقول: أرى أنَّ كثافة الطرح النقدي عبر الإعلام مؤخراً تعدُّ حركة تصحيحية للركود السابق، وإن اختلف الوضع الآن مع الكثافة الإنتاجية التي لم تشهدها الساحة مسبقاً، إلا أن السوء في ذلك يتمثّل في بعض المبالغات التي تتجه لتضخيم بعض التجارب، والتي ينصدم القارئ بعدها في عادية الإنتاج المحتفى به أو حتى تفاهته، خاصةً مع التجارب الغضة، وهو ما نجد عكسه مع الأقلام المحترفة، إذ صار الأمر وكأنه من قبيل (الموضة الإعلامية) في مهاجمة الناجح، وتضخيم المغمور!. وهي الحالة التي حصلت مع مهاجمة الدكتور تركي الحمد، إذ أرى أنَّ الأمر لا يتعدى الضوضاء الإعلامية لا أكثر.