وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الاثنين، رجب ٠٢، ١٤٢٨

تحقيق// الفيلم السعودي لقيط الداخل شرعيّ الخارج!


بحسب تعاطي الوزارة مع صناعته
الفيلم السعودي لقيط الداخل شرعيّ الخارج!



- المخرج عبدالله آل عياف-

منال العويبيل - الرياض

(الصور الجميلة لا تخلقها النظريات!) هي إحدى نظريات الفنان العالمي رينوار، ولأن طرحنا اليوم غير معني بالتنظير، أو التنفيس الذي بات طابعاً يحف العديد من الأطروحات الإعلامية التي تفتح ملف السينما محلياً، نستهل طرحنا للقارئ بنظرية رينوار مضافاً إليها : إياك أعني، واسمعي يا وزارة!.
في الفترة الماضية كان لعدد من الأفلام السعودية نصيب من الحضور ضمن التوليفة الثقافية للأيام السعودية في العاصمة الروسية موسكو، وقبل ذلك في مصر. بما يعبّر للخارج عن اهتمام الوزارة بما يمكن تسميته بـ(صناعة الفيلم) في السعودية، إلا أن ذلك يمثل فعلياً حالة من التناقض الصارخ، في وقت لم نشهد محلياً أي تصريح رسمي عن دعم الوزارة لصناعة الفيلم، ناهيك عن تخصيص جزء صغير من ميزانيتها، ولو لتشجيع الشباب المهتمين بذلك. ونجد ذلك لا يختلف كثيراً عن موقف المؤسسة الرسمية السابق تجاه المسرح، والذي كانت تلتفت إليه موسميًا كلما اقترب موعد مهرجان مسرحي في أحد الأقطار الخليجية أو العربية، ثم تتخلى عنه بعد اعتراف عابر مؤقت به.
بالتالي نستطيع القول : ما أشبه الليلة بالبارحة، وأن الفيلم يحل محل المسرح في اهتمام المؤسسة الرسمية التي تعترف به في الخارج، وتنكره ضمنيًا في الداخل، تاركة إياه لاجتهادات الهواة والشغوفين به وإمكاناتهم الضئيلة، أو للأندية الأدبية وجمعيات الفنون التي حتى لو كان لديها الرغبة في دعم الفيلم عرضًا وصناعة، لا تستطيع القيام بذلك بدون دعم مادي كبير ومعنوي صريح من الوزارة.
حول ذلك يعلّق المخرج السينمائي (عبدالله آل عياف) بأن ما تقوم به الوزارة من ازدواجية في التعامل مع مفردة (السينما) يعود لظن القائمين عليها أن نظرة السعوديين للسينما تختلف عن نظرة بقية دول العالم إليها، فما يراه العالم ضرورة ثقافية قد يراه البعض هنا محظوراً. المسئولون في وزارة الثقافة والإعلام يدركون قبل غيرهم أهمية السينما كرافد رئيسي في الهيكل الثقافي لأي دولة، ولأننا ندرك أن الدول المتقدمة تولي قطاع السينما رعاية ودعماً واضحين، فإنني أتفهم حرص وزارة الثقافة والإعلام على إبراز هذا الجانب ليراه غيرنا، ورغم تواضع جميع ما تم إنتاجه حتى الآن إلا أنها هي الخيار الوحيد لدى الوزارة لعرضه مع بقية الفعاليات الثقافية، فلا أحد يود تقديم صورة ثقافية ناقصة ركناً هاماً أمام الغير. المشكلة لدينا هو أنها فعلاً ناقصة، ولن يكون من الصعب ملاحظة ذلك.
ا(الوزارة تستعرض بالسينمائيين أكثر من الاحتفاء بهم)، هذا ما يراه الكاتب السينمائي (طارق الخواجي) الذي يوضح الفكرة بقوله : يمكن فهم ذلك عن طريق مقارعة الوزارات العربية أو العالمية الأخرى في المهرجانات الثقافية بالمقابل من كل مجال أو مشهد ثقافي، بينما تتجاهلهم فعلياً في الداخل لأن مجال التنافس الخارجي معدوم منطقياً في الداخل.
إلا أنّ (آل عياف) يوضّح أن موقف الوزارة مهما كان اهتمامها في تقديم الحاضر السينمائي المحلي، أو مهما استعرضت كما يرى الخواجي الذي له رأي مفاده : المسئولون يجب أن يدركوا أن هذا (الآخر) يعرف ما الذي تعنيه السينما، ويعرف أن الفيلم عمل ثقافي يعبّر عن صانعيه. الروس مثلاً كانوا رواداً للفن السابع منذ بداياته، والبلد الذي أخرج آيزنشتاين، ستانسلافسكي، دانجنكو، ولينسكيو يعرف ماهية الفيلم الذي يصلح أن يكون واجهة ثقافية لبلد ما. ومحاولة جمع عدد من المحاولات لشباب وشابات هواة لم يجدوا دعماً البتة من الوزارة فقدموا أعمالاً بسيطة، أو ربما رديئة، سيُظهرنا بمظهر الجاهل لقدر هذا الفن، ولا أظن أن هذا هو ما تريده وزارة الثقافة والإعلام من تظاهرتها بروسيا أو غيرها.
وبما أن كل طرح يتقاطع مع السينما محلياً يستحضر ذِكر فوبيا المجتمع تجاهها يضيف (الخواجي) في معرض رؤيته : إنّ التعامل مع مفهوم السينما أو فكرتها اجتماعياً يؤثر بشكل بالغ على تواصل الوزارة بشكل أكبر، ومن هذا التخوف الكبير، أو بُعداً عن وجع الرأس كما يقال، فإن الوزارة تتجاهل السينما رسمياً وبشكل واضح وملموس، إلا في بعض الاجتهادات الفردية التي تُشكر لبعض القائمين على مؤسسات تنتمي للوزارة أو غيرها، كالنوادي الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، لكن حتى هذه المؤسسات التي تنتمي للوزارة، لا يمكنها المشاركة في شيء؛ لأنها تفتقد الدعم الذي يمكّنها من ممارسة نشاطاتها الخاصة، ناهيك عن السينما كنشاط حديث في الساحة الثقافية السعودية.
أما (آل عياف) فيجد أن ارتباك الاعتراف بالسينما وليد منظومة من الالتباسات، يقول : نجد قضية السينما لدينا بكامل عناصرها (ثقافة، معاهد، صناعة، دُور عرض، وغيرها) مغيبة بالداخل، ربما تجنباً لمصادمة المعارضين لوجود صالات سينما. تتعامل الوزارة مع القضية بالداخل بشكل عكسي، فالفخر والاحتفاء بالأعمال خارج البلاد يتحول لأمر مسكوت عنه. لكننا يجب أن نفرّق بين فيلم سعودي وصالة عرض سينمائية. الفيلم السعودي بدأ قبل الصالة ولم يقف ينتظرها، ولا أظن أن هنالك أحد يعارض وجود أفلام سعودية هادفة توصل صوتنا وصورتنا لغيرنا. لذلك لا أجد سبباً مقنعاً لعدم دعم الوزارة لمحاولات هؤلاء الشباب سواء عن طريق تنظيم دورات متخصصة، أو ابتعاث الموهوب منهم للخارج للدراسة المتخصصة، أو على الأقل تذليل بعض العوائق، مثل تفرغهم من أعمالهم خلال المشاركة باسم المملكة في المهرجانات التي يحضرونها، ويقومون فيها باستخدام أيام إجازتهم الرسمية لفعل ذلك، أو حتى إعفائهم من دفع رسوم البريد عندما يقومون بإرسال أفلامهم كثيراً للعديد من المهرجانات حول العالم.
وحول المشاركات الخارجية، التي يرتجي منها السينمائيون احتكاكاً إيجابياً يسعى لما يتجاوز مجرد المشاركة، يذكر (الخواجي) حول ذلك : أعتقد أن الغالب من الزملاء والأصدقاء الذين أعرفهم من الوسط السينمائي، الذي يستوي على سوقه، لا يمانعون من المشاركة عبر مهرجانات الوزارة ومناسباتها الدولية، فهم يتفهمون تناقضات المجتمع قبل تناقض الوزارة في المقام الأول، ويدركون أن النجاح في الخارج سينعكس جبراً على الداخل، لكن المؤلم هو التجاهل حين العودة إلى الوطن بصورة مستغربة، حتى في أقل الاهتمام، والذي تستطيع الوزارة أن تعبر عنه بعيداً عن الإثارة والجدل.
أما (آل عياف) فينحى في معرض ذلك للحديث عن المشاركات في مهرجانات عربية وعالمية في ظل محدودية اهتمام الداخل، يقول : رغم أني دعيت لعدد كبير من المهرجانات، ولازلت أتلقى الدعوات من مهرجانات كثيرة حول العالم، إلا أنني أنتظر اليوم الذي أُدعى فيه لحضور مهرجان للفيلم السعودي في بلدي. لدينا أكثر من 30 فيلماً سعودياً قصيراً، معظمها تم عرضه خارج البلاد، ما الذي يمنع إقامة مسابقة أو تظاهرة سعودية تتيح للمشاهد والمشاهدة السعوديين التعرف أكثر على هذه الأفلام التي يقرأ عنها في الصحف؟وبعبارة تصنع حلماً أكثر واقعية من مجرد حالمية، يضيف : بدأنا دون دعم، ولن يضيرنا الاستمرار دونه في تقديم ما نظنه جاداً وجيداً. لكن لأن العالم أصبح ينظر من خلال أعمالنا _رغم بساطتها_ إلى مجتمعنا، فإن دعم الوزارة لنا سيعود بالنفع أولاً عليها هي قبلنا.
وعما إذا كانت هناك خطوات عازمة من السينمائيين لمطالبة الوزارة بالاعتراف بهم ودعمهم بوضوح، يجيب (الخواجي) : لا تبدو الفكرة مطروحة من قريب أو بعيد؛ لأن إيماننا الداخلي ينبع من بروزنا عبر أعمالنا، والكثير من الشباب لا يزالون يرون أنفسهم هواة، وأن الوقت للاحتراف يتشكل على مهل، وأن منطلقهم للعمل مازال يدور ضمن إمكانياتهم المتاحة، بخاصة أن الشباب يعتمدون الأفلام القصيرة في مسيرتهم الحالية، ورغم كل هذا فإن اعتراف الوزارة يضمن اعترافاً من المجتمع على المدى المتوسط. وفعلياً تلاؤمنا وقدرتنا على العمل في وسط تناقضات الوزارة والمجتمع بأسره لا يجعل الموقف محتداً تجاه ذلك، بل يمكننا من تفهم هذا الاختيار غير الحكيم في تعزيز هذا التناقض رسمياً.
* * *
«رميات ورُماتها»
((شدد الوزير مدني في كلمة له خلال استقباله أمس والوفد المرافق على أهمية عدم التمييز بين ما هو إعلامي وما هو ثقافي والنظر إلى الإعلام بأنه المنصة التي توصل العمل الثقافي لجمهور أكثر، وتطلع إلى أن يكون هناك تعاون بين البلدين في «مجال السينما» و»استفادة السعودية من السينما التونسية» التي لفتت الأنظار لجودتها... .
وقد اتفق الجانبان السعودي والتونسي خلال جلسة المباحثات على تكوين فريق عمل لبحث الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال وخاصة ما يتعلق بإقامة تعاون مشترك بين البلدين في مجال «الإنتاج السينمائي» والكتاب وكيفية وصول نتاجه إلى كلا البلدين)).
تونس_واس4 يونيو 2005م
((إن لم ينل «السينمائيون السعوديون» الاهتمام في عهد معالي الوزير الحالي إياد مدني كجزء من اهتمامه بثقافة الصورة، وتحديداً السينما، فلا أعتقد أنهم سينالونها في وقت آخر قريب. فالوزير ذو رؤية واعية ومنفتحة بشكل جميل لكل الفنون))
المنتج السينمائي صالح الفوزان
جريدة الوطن_6يونيو 2006
((أتمنى أن ندخل في فنون السينما وبالذات السينما التوثيقية بحيث نشاهد أفلاما تصور الحياة العامة الاقتصادية والسياسية والثقافية والتاريخية... .أتصور أن وزارة الثقافة والإعلام يتمثل دورها في ألا تعطل أو تربك أو تكون لها وصاية أو تتدخل في هذا الشأن أو ذاك. لها أن تحمي، وأن تساعد)).
د.أبو بكر باقادر_وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الثقافية الدولية
جريدة الجزيرة_23يناير2006
((أكّد الزميل قصي البدران، في مداخلته، «ضرورة الاستفادة من السينما» موضحاً أن هناك ميزانية مهدرة بسبب ذهاب 30 ألف أسرة يومياً عبر جسر الملك فهد إلى مملكة البحرين المجاورة، «ثلثهم تقريبا من أجل المشاهدة السينمائية». وطالب البدران بضرورة إعادة النظر في إنشاء دور سينما تعرض الأفلام الوثائقية والتاريخية برسوم رمزية))
في لقاء جمع الوزير بحشد من مبدعي الشرقية
جريدة الوطن_14 يوليو 2005
((ومن المؤسف أنني لم أر الوليد الجديد الذي طالما اشتقت إلى رؤياه، فهو يُعرض في «البحرين» كما كتبت الصحف، ولعل وزيرنا المقدام معالي الوزير إياد مدني يسمح بعرضه في «السعودية» على شاشة التلفزيون لنرى وليدنا الجديد...ونقدم له النقد البناء فيما يستحق النقد))
عبد الله باجبير_حول فيلم (كيف الحال)0
جريدة الاقتصادية_5نوفمبر2006
((عبّر سالم عن شكره وتقديره للمسئولين بوزارة الثقافة والإعلام، وعلى رأسهم إياد مدني وزير الثقافة والإعلام، والدكتور أبو بكر باقادر وكيل الوزارة للعلاقات الثقافية الدولية، وذلك على دعمهم وتشجيعهم لصناعة «الفيلم السعودي» في المحافل الدولية))
جريدة عكاظ_18يونيو2007
* * *
«التجاهل ثيمة عربية!»
على صعيد الوطن العربي، بمختلف أقاليمه التي شهدت حراكاً فنياً شكل إرثاً ثقافياً حقيقياً في صناعة السينما على مستوى الخصوص، يلمس المتابع تراجعاً كبيراً في اهتمام المؤسسات الخاصة والعامة العربية بالسينما باعتبارها منتجاً ثقافياً مهمّا، في حين تتكاثر المهرجانات السينمائية العربية طردياً بتسارعٍ يباركه البعض، وينتقده أكثرية.
حول ذلك يكتب الصحفي (أمير العمري) مراسل بي بي سي العربية في لندن: بعد أن كان لدينا مهرجان قرطاج يقام بالتبادل مع مهرجان دمشق كل عامين، ثم مهرجان الإسكندرية ومهرجان القاهرة ومهرجان تطوان، أصبح هناك مهرجان دبي السينمائي، ومهرجان مراكش.. والبقية تأتي. والملاحظ أن هذه المهرجانات لا تخدم الهدف الأساسي منها، وهو التعريف بالسينما المحلية _مهرجان دبي يقام في دولة ليس فيها إنتاج سينمائي أصلاً_ ودعمها وفتح نافذة لها على العالم، وتوفير الاحتكاك بين السينمائيين المحليين وجمهور البلد المنظِّم وبين السينمائيين من العالم وأفلامهم التي تعكس ثقافات أخرى، بغرض التحاور والتواصل.
كما يردف: ويكفي أن نعرف أنه لا يوجد مهرجان سينمائي واحد في العالم العربي يخصص جائزة حقيقية لدعم مشاريع الأفلام الجديدة الجريئة، عن طريق تخصيص مسابقة للسيناريوهات الجديدة تكون جائزتها مثلاً تمويل إنتاج الفيلم، أو المساهمة بحصة ما من تكاليفه على الأقل، على غرار ما يحدث في مهرجان روتردام السينمائي الذي يفخر بأنه لا يدعم فقط التجارب الجديدة من السينما الهولندية، بل ومن العالم كله.
* * *
«ما يحاذي الطرح ولا يقطعه»
(لدينا الفن لكي نموت بسبب الحقيقة) هي مقولة للفيلسوف الكبير فردريك نيتشه، إلا أن غياب صناعة جماليات الفن بأسس فاعلة ومدعومة لدينا لا يمكننا اعتباره منحى لحياة ملؤها واقع لا يمسسه الموت الذي يذكره نيتشه، بل ربما نحن متجهون لموتٍ مجازي بسبب ما نفتقر إليه تذوقاً وحضورا. وتظل قضية السينما كقيادة المرأة للسيارة معلقتين حتى إشعار آخر.

الاثنين، جمادى الآخرة ١٧، ١٤٢٨

خبر// المدوِّنات في ضيافة أدبي الرياض

المدوِّنات في ضيافة أدبي الرياض
منال العويبيل - الرياض

تنظم اللجنة النسائية بالنادي الأدبي بالرياض مساء اليوم الاثنين محاضرة بعنوان ( دوّني مدونتك ) تقوم بتقديمها هديل الحضيف، تعرض فيها أسس التدوين، ومجالاته عبر الشبكة، والاتجاهات المتنوعة التي خلقها بمنأى عن المنتديات التقليدية، والمواقع الشخصية من خلال خبرتها الشخصية في هذا الاتجاه تنقلت فيها بين المساحة الخاصة بالـ «msn» ، وموقع الـ «Blog» ، وصولاً للمدونات المدفوعة Word Press.
يتلو ذلك لقاء مفتوح لمدوّنات مدينة الرياض لعرض تجاربهن مع التدوين، وأبرز الأمور التي دفعتهن لهذا المجال، وأهم المعوقات التي قد تواجههن في سبيل الاستمرار في التدوين، وهي دعوة مفتوحة من اللجنة لجميع مدوِّنات المنطقة.
يذكر إن الحضيف سبق أن شاركت في فبراير الماضي بدعوة من جامعة السلطان قابوس، لتقديم ورقة عمل عن المدونات السعودية، ضمن حلقة دراسية للإعلاميين، نظمتها الجامعة بالتعاون مع مكتب اليونسكو في الدوحة، وبالتنسيق مع اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم ، وقدمت ورقتها “المدونات في السعودية : تطورها .. ودورها في التعددية الإعلامية، وحرية التعبير” ضمن الجلسة المخصصة للإعلام المستقل.

حوار// عضو جماعة السدرة بأدبي الرياض د .أميرة الزهراني


عضو جماعة السدرة بأدبي الرياض د .أميرة الزهراني :

المثقفات اعتدن على الوقوف عند حدود المطالبة فقط

منال العويبيل - الرياض

بعد زيارتها العملية لتونس في مشاركة مميزة في ملتقى المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون الذي تناول في حوار موسع ( التعريف بالرواية النسائية في المملكة العربية السعودية ) ، تعود د. أميرة الزهراني لمزاولة نشاطاتها النقدية والثقافية خاصة عبر عضويتها في اللجنة النسائية لأدبي الرياض بمعية أميمة الخميس في جماعة السدرة المهتمة بالسرد، حيث تعد اللجنة سلسلة من النشاطات المميزة للفترة الصيفية.
* شاركتِ مؤخراً بورقة عمل (الرواية النسائية السعودية.. شاهد أمين على ميلاد وعي جديد) في ندوة الروائيات السعوديات بتونس . حدثينا عن ملامح هذه الورقة؟ وأصداء النقاش حولها؟
- عنوان الورقة (الرواية النسائية السعودية .. شاهد أمين على ميلاد وعي جديد) ، وهي ترمي إلى ربط الطفرة الروائية النسائية السعودية، على نحو خاص، بالوعي الجديد الذي تشكَّل لدى المرأة السعودية مؤخراً نتيجة العديد من المتغيرات والتحولات التي تشهدها، لعلّ أبرزها وعيها بحقوقها، والإلحاح على المطالبة بها أكثر من ذي قبل . هناك مناصب جديدة تقلدتها المرأة السعودية، مثل دخولها في تشكيل لجان الغرفة التجارية الاقتصادية، وفي لجان مجلس الشورى، ومشاركتها في الحوار الوطني الفكري ضمن تيارات مختلفة، وحصولها على درجة وظيفية تعادل مرتبة وزير، وفتح أقسام جديدة في الجامعات لم تكن موجودة من قبل، مثل قسم القانون والإعلام، فضلاً عن وجود قناة لتصريف الاحتقان الذي لطالما اعتورها، حيث شبكة الإنترنت التي أتاحت لها أن تعبّر عن رأيها بالطريقة التي تشاء، وأن تتلصص على عالم الرجال على النحو الذي لم يكن ممكناً من قبل . هذا الوعي لم ينعكس على الرواية فقط، بل في كتابات المقالات النسائية . لقد بدت في الفترة الأخيرة أكثر جرأة ومكاشفة من حيث التصدي للمشكلات والإحساس بها، متنحية قدر الإمكان عن آفة الكتابة وفق نمط الانثيالات الشاعرية الذي كان سائداً. الورقة اجتهدت في الربط بين ما يحدث في رواية المرأة السعودية ( كماً وكيفاً ) وما يجري في الخارج من حولها، لعلّ هذا هو الجديد الذي تفاجأ به المشاركون في الندوة والحضور في فعالية تونس . لقد عرفوا تغييرات وتحولات في السعودية ربما لم يكونوا يعرفوها من قبل.
* سبق أن كانت لك مشاركة مميزة في ملتقى النص في مدينة جدة .. ما تقييمك لمثل هذه الملتقيات التي تضمّ المبدعين من مختلف مناطق المملكة؟ ومدى إثرائها للحراك الثقافي المحلي؟
- الملتقيات الثقافية ظاهرة صحية، لكن لي فيها رأي.. أولا ً: على تلك الملتقيات مسؤولية انتقاء المشاركين المختصين حسب موضوع الملتقى، وأن لا يكون الهاجس هو حشد أكبر عدد ممكن من المثقفين، بحيث لا يتوقف أستاذ عن تقديم ورقته إلا بعد سماع عبارة «الوقت انتهى لو سمحت» !!!ثانياً : على الملتقيات الثقافية الاهتمام بحداثة الموضوعات، وإغرائها بالبحث والتقصي والنقاش، وإشكالاتها في طرح وجهات نظر مختلفة؛ لأن ما يحدث في بعض الملتقيات هو أن تبدو كل جلسة نسخة لا تكاد تختلف سابقتها، فيغدو الملل هو العنوان الأثير في التغطيات الإعلامية.
* ما الصعوبات التي تحول دون تعميم مثل هذه التجربة عبر أندية المملكة الأدبية ( الرياض مثالاً )؟ وهل من سعي محدد في هذا الاتجاه؟
- لا توجد صعوبة على الإطلاق، ونادي الرياض سبق أن أقام قبل قرابة عامين ملتقى ثقافيا مخصصا لموضوع محدد، والقادم من مشروعات النادي ينبئ عن الجاد والأفضل بمشيئة الله.
* مسئوليات النوادي الأدبية في ظل المرحلة الراهنة .. ألا ترين أنها تقترب من وصف التأسيس أكثر منه التجديد التراكمي لمرحلة سابقة في ظل ضبابية الجهود الماضية؟ كيف الأمر من وجهة نظرك؟
- في مجتمعات العالم الثالث مراحل التأسيس تستمر قروناً !! هذا أمر اعتدناه.
* بعد 30 عاما تقريباً من غياب النساء عن مقر النادي الأدبي دخلته اللجنة النسائية، باحتفاء جماهيري في البدء ما لبث أن خفت تباعاً؟ ما أسباب ذلك في رأيك؟
- ببساطة : المثقفات اعتدن على الوقوف عند حدود المطالبة فقط !! هذا من جهة ، ومن أخرى، فإننا في اللجنة النسائية في الرياض نعاني بشدة تهميش الإعلام لأنشطتنا، أو محاولة تغطية الفعاليات التي ننفذها .. هذا الإهمال يحبطنا كثيراً.
* إذ تدأب المطالبات بدعم المواهب الشابة نستجلي رأيك عن إمكانية لعب الأندية الأدبية دوراً فاعلاً في استقطاب حضور الشباب والمراهقين العاديين في سبيل تنمية جيل من المتذوقين؟
- لا يكفي أن نطالب بأن على الجميع تبني تلك المواهب التي تستحق البروز، وليس لمجرد إبراء الذمة، المشكلة هي أننا كثيراً نطالب لكن عندما نكون في موضع المسؤولية نتخلى عن المطالبة والجرأة في كسر نمطية الدعوات الموجهة بإلحاح إلى النخب . في رأيي أن المواهب الشابة هم أكثر وفاءً واجتهاداً للحضور وللقيمة المعرفية التي يتحمسون للانتماء إليها. بالنسبة للنادي الأدبي بالرياض، ولجماعة السرد التي أمثلها أنا والأستاذة أميمة الخميس فإن المواهب الشابة تحوز على قدر من أنشطتنا . لقد تبنينا تلك الفكرة منذ البدء .
* جمعت أطروحتك الخاصة بالدكتوراة بين دفتيّ كتاب ( الذات في مواجهة العالم ) الذي ناقش فكرة الاغتراب في القصة القصيرة في الجزيرة العربية .. ألا يمكننا إسقاط بعض حيثيات هذا المفهوم على أن المبدعين الذين وقعوا طي هذه الحالة في فقدانهم للانسجام مع ذواتهم أو مع مجتمعاتهم ساهموا في اعتزال الجمهور للفعاليات العامة؟
- يحدث هذا كثيراً، وفي الكتاب فصل خاص يناقش ما تحدثت به، ويركز على المثقف السلبي على نحو خاص .
* ما مدى الانسجام الذي تجدونه بينكن كلجنة نسائية تضم نخباً إبداعية فكرية؟ فبين التقاطع أو الاختلاف كيف تسير الخطط والمشاريع القادمة؟ وما أبرزها؟
- هناك حرية متاحة لجميع عضوات النادي في طرح الأفكار الجيدة، وتأكدي أن كل فكرة من شأنها أن تثري ثقافة الجمهور فإنها تلقى قبولاً من جميع العضوات، لأن المصلحة والغاية واحدة. والدكتورة سعاد المانع رئيسة اللجنة النسائية بالرياض دشنت لهذا المبدأ منذ أولى جلساته، هي تتسم بحس ديموقراطي في الاستماع إلى جميع الآراء ومناقشتها، كما أن تفاوتنا في التخصصات أعطى للجنة النسائية سمة التكامل وليس الاختلاف. إذا أردت التأكد، في مقدورك الاطلاع على النشرة التي تتضمن طبيعة أنشطة الجماعات لهذا الموسم.

الأحد، جمادى الآخرة ١٦، ١٤٢٨

حوار// ناقدة أدب الطفل وعضو أدبي الشرقية د. صباح عيسوي


ناقدة أدب الطفل وعضو أدبي الشرقية د. صباح عيسوي:
أرفض وصف فعاليات الأندية بالأكاديمية النخبوية
نعمل على أن تشمل أنشطة النادي برامج موجهةً للأطفال

حوار – منال العويبيل

هي من القلائل اللاتي أولين أدب الطفل اهتماماً كرّس نشاطها النقدي نحوه ، وانتهى بنيلها أول شهادة دكتوراه في المملكة بهذا التخصص، إضافة لعلاقتها بفنّ الترجمة عبر إنجازات بحثية مميزة. فنجد د. صباح عيسوي ممسكة بتلابيب دورها الأكاديمي كعضو هيئة التدريس بكلية الآداب للبنات بالدمام، ودورها كعضو لجنة أدبي الشرقية، إضافة لنشاطاتها الفاعلة عبر الملتقيات الثقافية المختلفة عبر الوطن. وبالتالي نلتقيها اليوم لاستجلاء رؤاها الإبداعية حول هذه الأدوار.
* بعد إقرار التغييرات في الأندية الأدبية عُلِّقت الكثير من الآمال تجاهها بأن تكون حاضنة لكافة أطياف الثقافة العامة والأنشطة الاجتماعية..أليس في ذلك إثقال على جهة واحد لتبني كل هذه الأدوار ؟ كيف ترين الأمر؟
- أثيرت مسألة حدود دائرة أنشطة الأندية الأدبية مراراً في الإعلام المحلي، ومن خلال الحوارات والمداخلات التي تتخلل فعاليات النادي؛ وبدا أن الرأي العام ينقسم فيها ما بين مؤيد ومعارض.لا شك أن المؤيدين لهذا التوجه الشامل ( وأنا واحدة منهم ) ينظرون إلى الأدب بمفهومه العام، وإلى وظيفة الأندية كدُور قائمة على الثقافة. ولا أرى أن نحصر أنفسنا تحت المسميات، وبالتالي نحشر ثقافتنا في زوايا ضيقة. فسواء كان مسمى هذه المؤسسات أندية أدبية أو أدبية ثقافية ( كما كان في السابق ), أرى أن دورها ثقافيا أولا وآخرا.. ولا شك أن هذه النظرة الشمولية لمسئولية الأندية تجعل حجم العمل المناط بأعضاء إدارة الأندية كبير، ولكنه كما خبرته من خلال عضويتي للجنة النسائية، وجماعة الترجمة بنادي الشرقية، يدخل تحت مفهوم العمل التطوعي.. الذي نؤديه لنساهم في الغرس والعطاء ولجني الثمر.
* تضم اللجنة النسائية بالنادي لجنة تهتم بأدب الطفل.. إلى أي حدّ يوجد قصور في الاهتمام بهذه الفئة في ظل ما يدأب عليه إعلامنا من توجيه الخطاب الوعظي للراشدين باسم الاهتمام بالطفل؟
- تبنت اللجنة النسائية أنشطة ثقافة الطفل مؤخراً بعد أن حلت لجنة الطفل بالنادي؛ أعتقد أن بناء ثقافة جيل المستقبل يبدأ برعاية طفل اليوم، وبالتالي ندرك أهمية التركيز على الطفولة كشريحة مستهدفة من قبل المؤسسات الثقافية والاجتماعية والتربوية. والإعلام له دور رئيس في التوعية بضرورة الاهتمام بالطفل، وكل من يدلي بدلوه، فهو إنسان يحس بمسئوليته ودوره في بناء جيل المستقبل؛ ولكن كيفية صياغة الخطاب، وتخيّر الأسلوب الفعال، عنصر أساس في إيصال الرسالة، وضمان تحقيقها التأثير المطلوب.. وهو فن قائم بذاته تقام له دورات وورش عمل، والمؤسسة الإعلامية الجيدة لا بدّ أن تحرص على إكسابه للعاملين بها.
* يرادف أدب الطفل عند بعض المبدعين محاولات ذاتية يسطّحون فيها إنتاجاً لهم.. ولذلك تفشل حتى الأسماء الكبيرة في تقديم مواد مناسبة للأطفال.. إلى أي حد يمكن للجنتكن إيصال الرسالة الصحيحة لمختلف فئات المبدعين حول ذلك؟ وما هي الآلية المناسبة لتحقيق هذا الهدف؟
- أرى أن أدب الطفل المحلي في نشأته وتطوره عانى من مشكلتين رئيستين: فكثير مما كتب للطفل لا يرقى بعناصره إلى المستوى الفني المطلوب، ولا يقدم للطفل أدباً راقياً يخاطب إدراك الطفل ووجدانه؛ من ناحية أخرى نجد نماذج أخرى فشل أصحابها في معرفة خصائص الطفولة، فكتبوا للطفل بأسلوب يقترب من أسلوب كتابتهم للكبار.. فلم يتفاعل معه الطفل. ولكن العقد الأخير شهد طفرة واضحة في أدبنا المحلي الموجّه للطفل في شكله وأسلوبه ومحتواه.أما عن دور النادي في ذلك، فهو ما أسعى إلى وضع تصور عنه، وتقديمه لمجلس الإدارة، ومن ثم تداوله بين الأندية الأدبية في المملكة. وللنادي دور جوهري في الارتقاء بأدب الطفل عبر آليات متعددة منه: إيجاد حلقة وصل بين الكتاب المخضرمين منهم والناشئين, استقطاب النقاد والناشرين والمهتمين بأدب الطفل، عقد فعاليات خاصة بادب الطفل، إقامة ورش عمل في الكتابة للطفل، تقديم التوجيه للكتاب الناشئين.. ونحرص دائماً على الإعلان عن هذه الفعاليات بطرق عديدة، وتوجيه الدعوة لمن لدينا قائمة بأسمائهم وعناوينهم لحضور الفعاليات والاستفادة مما يقدم فيها. وقد عقدت اللجنة في الفترة الماضية ندوتين خاصتين بالطفل استضافت فيهما أسماء لامعة لمبدعات وفنانات وناقدات في مجال الكتابة والرسم للطفل.
* هل استقطاب جمهور من الأطفال لحضور فعاليات النادي من ضمن الأهداف؟ وبالتالي ما نوع النشاطات التي قد تكسب جمهوراً بمختلف الفئات العمرية بنظرك؟
- هذا ما نسعى إليه من خلال خطتنا للبرامج القادمة. فمن أجل تحقيق دعم حقيقي لثقافة الطفل نوجّه برامجنا للراشدين الذين تناط بهم مسئولية رعاية تلك الثقافة، وفي ذات الوقت نعمل على أن تشمل أنشطة النادي برامج موجهةً لشريحة الأطفال من أجل المساهمة في تطبيق ما ننادي به عبر أنشطتنا المنبرية برفع المستوى الثقافي للأطفال. وفي هذا تتعاون جميع اللجان في النادي كل في مجاله لعمل برامج وأنشطة خاصة بالطفل. بداية, هناك أفلام للأطفال ستُعرض في النادي خلال العطلة الصيفية يحضرها جميع أفراد الأسرة: الأطفال وأمهاتهم في القاعة النسائية، والآباء في القاعة الرجالية. كما تخطط اللجنة النسائية لعدد من الفعاليات، مثل: ورش عمل متنوعة، وحلقات قراءة قصص للصغار خلال العطلة الصيفية، وسيتم الإعلان عنها فور الانتهاء من الإعداد لها. كما تهتم اللجنة بفئة الفتيات والفتية من خلال تشجيع المبدعين منهم بعرض أعمالهم الإبداعية في الأمسيات, ونعتزم إعداد مسابقة في الكتابة الإبداعية لطالبات المرحلة المتوسطة لاكتشاف الموهوبات ورعايتهن. وقد تم الإعداد لتنظيم ورشة عمل في مهارات التفكير الإبداعي تقام في المؤسسات التي تخدم الشابات، أقوم بها بالتعاون مع عضو اللجنة النسائية الفنانة التشكيلية عصمت المهندس. ومن مشاريعنا المستقبلية إنشاء مكتبة خاصة بالطفل في المبنى الجديد للنادي تقام بها أنشطة متعددة للطفل.
* كناقدة ومتخصصة في أدب الأطفال.. هل من توجهات لاستقطاب أسماء واعدة للكتابة للأطفال، بحيث ترى إنتاجاتهم النور تحت مظلة النادي، وبعد مرحلة نقدية تقييمة من قِبلكم؟ وما أبرز معوقات مثل هذه الخطط؟
- كما أسلفت, هذا ما نصبو لتحقيقه، وما يتم التخطيط له ضمن برامج النادي المتعددة في مجال النهوض بأدب الطفل، وتشجيع الكتابة والرسم له. وأرى أن وجود القاص جبير المليحان _ وهو كاتب قصة الطفل _ في رئاسة النادي سيسهم بإذن الله في وضع النادي بصمة واضحة في مجال أدب الطفل. بصراحة، لا أرى معوقات بارزة لتحقيق هذه التوجهات؛ لأنها تدخل ضمن أهداف النادي، ومجال عمله.
* ذكرتِ سابقاً أننا بالغنا في التأكيد على البيئة المحلية، حتى أُكِّد على سبيل المثال في شخصيات قصص الأطفال على الثواب والعقاب، في سبيل إضفاء صفة المحلية، إلا أنكِ حبّذتِ خروج مثل هذه الانتاجات بصفة عمومية أكثر..سؤالي هنا هل تلمسين مثل هذه التوجهات في أنشطة وفعاليات الوسط الثقافي المحلي عامةً؟ بمعنى هل هناك هوس بتأصيل فكرة الخصوصية والمحلية لكسب رضا الفئات المرتابة تجاه الانفتاح؟ وضحي لنا رأيك حول ذلك.
- لا أعتقد بوجود هذا الهوس.. ولا أرى أنه ظاهرة. حسب ما أذكر أنني طرحت هذه القضية في ورشة عمل بمكتبة الملك عبد العزيز بالرياض حضرها لفيف من معلمات رياض الأطفال، فوجهتُ الخطاب لهن؛ لأني من خلال زياراتي للمدارس والفعاليات الخاصة بالطفل اطلعتُ على القصص التي تكتبها المعلمات، أو تعيد صياغتها، وكذلك الأنشطة اللاحقة لسرد القصص، ولمستُ إصرار بعضهن على تأكيد سمة المحلية في القصص المقدمة من حيث الشخوص، والمكان، والحدث.. بالطبع لا بدَّ أن نقدم البيئة المحلية المألوفة للطفل، ونحرص على تنمية انتمائه لها؛ لكن في نفس الوقت لا نريد أن ننشىء حالة من الانغلاق والتقوقع لدى جيل المستقبل.. ومن ناحية أخرى لا نقبل أن يتسم أدبنا بمحلية ضيقة يعجز معها أن ينطلق إلى فضاءات رحبة واسعة.
* تأتين من خلفيّة أكاديمية لا يُختلَف على تميّزها.. إلا أنّ البعض كثيراً ما ينتقد عبر الإعلام تكريس الأندية الأدبية للأطروحات الأكاديمية النخبوية ممثلة بأعضاء اللجان الأكاديميين.. ما رأيك بمثل هذه الانتقادات؟ وما أسبابها؟
- لا أحب التصنيفات بجميع أنواعها، خاصة المتعلقة بتقسيم المثقفين إلى فئات.. أعتقد أنها أحد أسباب الفرقة في مجتمعنا. إذا نظرنا لأعضاء إدارة الأندية الأدبية في المملكة بوجه عام نرى أنهم ينتمون لمؤسسات ثقافية وإعلامية وتربوية مختلفة؛ وأنا أتابع فعاليات تلك الأندية، ولا أوافق على وصفها بـ «الأكاديمية النخبوية» . أرى ان الإعلام هو الذي يروج لمثل هذه الاتهامات، وينجرف وراءها من هو غير مطلع على أنشطة الأندية، ولا يتسم بالوعي الثقافي.
* فعلياً هل ترين أن مؤسساتنا الثقافية والقائمين عليها خرجوا من مرحلة التنظير وشعارات التغيير إلى الحراك الفعلي؟ كيف ذلك؟
- هناك حركة ثقافية ملموسة تسير على أرض الواقع، وفي مسارات مختلفة, بعضها يسير في اتجاه غير واضح، وبعضها الآخر يخطو باتجاه الوصول لنشر الوعي وتأصيل الثقافة؛ واختلاف الرؤى يخلق في حاضرنا حالة من الفوضى والصراع.. آمل أن نتجاوزها سريعاً لننتقل إلى حالة من الانسجام بين التوجهات، وتوحيد الأهداف، والتخطيط المدروس لكيفية الوصول إليها.