تحقيق// انتعاش النقد المحلي بين الموضوعية والمبالغة
الثلاثاء 1428-01-18هـ
2007-02-06م
انتعاش النقد المحلي بين الموضوعية والمبالغة
نبيل المعجل: الكثير من المتلقين لدينا لم يعد يهمهم رأي الناقد
خلود الحارثي: إذا صرَّح ناقد بعدم جودة عمل معيّن فعليه إثبات ذلك
منال العويبيل- الرياض
لقد تحولَّ الناقد الأدبي في مرحلة جديدة من نقلات العملية النقدية إلى مجرد قارئ يقارب الحقيقة النصية ويعيد إنتاج النص من جديد بالوصف والتفسير والتأويل والكشف.. وإثر انتعاش الرؤى النقدية في الفترة الفائتة، والتي واكبت زخم الإنتاج الإبداعي المحلي عبر اهتمام الناقد المحترف أو غيره في تسليط الضوء على عدد من الأعمال إعلامياً، مما أكسبها حظوةً لدى شريحة من المتلقين.. نستجلي آثار هذا الانتعاش، ومدى فائدة أو ضرر قبيل هذا التوجه على الحركة الإبداعية المحلية.. فتقول الناقدة «خلود سفر الحارثي»: إنَّ من شأن انتعاش الأدب أنْ يتبعه انتعاش النقد، وكما أنَّ الأدب يتدرَّج من التميز إلى العادية والابتذال، فالنقد يتدرَّج من التشجيع إلى التهميش، وإن كان السؤال عن التسليط الإعلامي على بعض النتاج الأدبي فلا بدَّ أن نفرّق بين النقد والإعلام، النقد علم، وفن، ومسئولية، وأمانة، ولا بد أن يمارسها متخصص.
لقد تحولَّ الناقد الأدبي في مرحلة جديدة من نقلات العملية النقدية إلى مجرد قارئ يقارب الحقيقة النصية ويعيد إنتاج النص من جديد بالوصف والتفسير والتأويل والكشف.. وإثر انتعاش الرؤى النقدية في الفترة الفائتة، والتي واكبت زخم الإنتاج الإبداعي المحلي عبر اهتمام الناقد المحترف أو غيره في تسليط الضوء على عدد من الأعمال إعلامياً، مما أكسبها حظوةً لدى شريحة من المتلقين.. نستجلي آثار هذا الانتعاش، ومدى فائدة أو ضرر قبيل هذا التوجه على الحركة الإبداعية المحلية.. فتقول الناقدة «خلود سفر الحارثي»: إنَّ من شأن انتعاش الأدب أنْ يتبعه انتعاش النقد، وكما أنَّ الأدب يتدرَّج من التميز إلى العادية والابتذال، فالنقد يتدرَّج من التشجيع إلى التهميش، وإن كان السؤال عن التسليط الإعلامي على بعض النتاج الأدبي فلا بدَّ أن نفرّق بين النقد والإعلام، النقد علم، وفن، ومسئولية، وأمانة، ولا بد أن يمارسها متخصص.
أمَّا الإعلام فله مقاييس أخرى من صناعة النجم إلى ترويج السلع - أياً كانت - ولا بدَّ من إيجاد نجم جديد كل فترة، وهذا النجم لا يشترط فيه الإبداع، ولا في إنتاجه الجودة؛ لأنَّ للنجم أيضاً مواصفات أخرى.وعن طول نَفَس المواكبة الإعلامية/ النقدية للمنجز الإبداعي تُردف «خلود الحارثي» بقولها: هذا التسليط الإعلامي وقتيّ لا يستمر مع الأديب طيلة مشواره، فالإعلام يبحث دوماً عن الوجوه الجديدة، ولهذا فإنَّ الأديب وإنْ وجد مساندة من الإعلام في بدايته فلابدَّ له بعد ذلك أن يثبت جدارته، ويعتمد على موهبته، وعلى فرض عدم مساندة الإعلام للأديب في نتاجه الجديد، فإنَّ ذلك يشكّل لديه إحباطا، ويشككه في نتاجه الذي ربما يكون أفضل من الأول.
أما النقد الذي يتناول النتاج بالتشريح والتحليل فهو ولا شك يقدم فائدة كبيرة للحركة النقدية على المستوى النظري والعملي، وهذا يرفد الساحة الأدبية والنقدية بالمثير والمحفّز سواء كان النقد بالإيجاب أو السلب، فهو يصب في صالح المشهد الثقافي في البلد.وحول أثر المد النقدي عبر الإعلام على القارئ العادي توضح «خلود الحارثي» بقولها: بالنسبة للقارئ فهو وإنْ تأثَّر بآراء النقاد والإعلاميين في بادئ الأمر، فإنّه وبعد قراءة النتاج المعلن عنه لن يُخدع أو يتأثر بتلك الآراء في نتاج آخر، وبهذا يفقد مصداقية المعلن أو المادح.وكحالة محددة، نورد ما حصل في الندوة التي أقيمت في نادي الرياض الأدبي في وقت سابق، والتي انتقد فيها «خالد الرفاعي» «تركي الحمد» إلى حد تجريده من لقب أديب، معتبراً إياه أنه لا يكتب أدباً، وأنَّ اعتبار روايات الحمد كممثلة للرواية السعودية ينطوي على ظلم للمنجز الروائي السعودي.
إضافةً لما انتهجه الناقد «د.عبدالله الغذامي» إذ أسقط «الحمد» من قائمة الروائيين السعوديين.. نطرح التساؤل حول هذه الأطروحات وما تمثّله من مكاشفة موضوعية أو هجوم مبالغ لتجيب «الحارثي»: إنَّ النقد الذي يخرج للتجريح في شخص الأديب ليس بنقد، أما إذا صرَّح ناقد متخصص بعدم جودة عمل معيّن فعليه أنْ يُثبت ذلك بطريقة عملية، وعلى الكاتب أن لا يُغضبه ذلك، فليس فيه أيَّ خدشٍ لإنسانيته، وليس من المفترض في كل إنسان أنْ يكون شاعراً أو روائياً أو مبدعاً، لكنْ أنْ يصل الأمر لنزع صفة أديب عن كاتب له مشوار طويل وأعمال مشهود لها - وإن كانت لا تناسب كل الأذواق فهي تناسب البعض الآخر- فهذا مجحف بعض الشيء. ومن الأفضل- كما تختم أن يكون الأمر كما يقول «الدكتور مصطفى ناصف»: (إذا لم يجد الناقد متعة في عمل فني، أو لم يستطع أن يكبح كراهته، فمن الأفضل ألا يكتب عنه).
وهذا الرأي جيد، حيث يفتح مجالاً لتعدد الآراء، وعدم الحجر على أي ذوق أو حرية، لكن يبقى هناك حد أدنى من المعيارية الفنية في أي عمل.
الكاتب نبيل المعجل يقول: لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل الحركة الإبداعية (محلية وعالمية) عن النقد، واهتمام الناقد المحترف والانطباعي، فكلاهما مكمّل للآخر، فلا توجد حركة إبداعية أدبية من دون حركة نقدية، والعكس صحيح.
وقال المعجل: هناك إيجابيات كثيرة تصاحب النقد، وتتخطى السلبيات بمراحل، وهنا يجب أن نفرّق بين توجهات النقاد بالذات حينما يكون النقد منصفاً وغير مؤدلج. وقد رأينا في الآونة الأخيرة بعض الكتابات النقدية التي تركت العمل الإبداعي جانباً، وأخذت تركّز على شخصية الكتّاب، وخلفيتهم الثقافية، والاجتماعية، وحتى الدينية.
وحول ما إذا كانت الحالة الراهنة تشكّل طفرة إيجابية نقدية في الساحة الثقافية المحلية يجيب المعجل: هناك قصور فاضح عند عدد كبير من النقاد المحليين في التواصل مع أفراد مجتمعهم، حيث أنهم قليلو التفاعل مع ما يحتاجه المثقف والقارئ الناشئ، فتجدهم - بقصد أم بجهل - يضعون حاجزاً كبيراً بينهم وبينه من خلال انتقائهم مفردات وأساليب حوارية صعبة الفهم، أو غير متداولة كثيراً.. ولا أدري ما الدافع، وإن كان يبدو لي هو الاستمتاع بتفوقه (الوهمي) على الآخرين، وهو هنا يجهل أنَّ نسبةً كبيرةً من المتلقين لم يعد يهمهم رأي الناقد لدينا، وللأسف أحمّل المسؤولية على النقاد، فهم الذين ظلموا أنفسهم بوجه خاص، والحركة الإبداعية بوجه عام.
وكلي أمل مع هذه الطفرة الإبداعية الجميلة (على الرغم من كثرة الغث) أن يرتقي النقاد إلى مستوى يساعد هؤلاء الكتّاب الشباب في مشوارهم الإبداعي، وأن لا يكونوا حجر عثرة في طريقهم.ومن موقعي كقارئ انطباعي - كما يردف - أحب أنْ أشارك القراء بجميع مستوياتهم وخلفياتهم الفكرية والثقافية في جميع ما أقرأ وأكتب.
وقد دأبت مؤخرا على إرسال نشرة شهرية إلى عدد كبير من الأدباء والمثقفين، ولا أنسى القارئ العادي (وهو أكثر ما يهمني) تحتوي على تعليقات لا تتجاوز الخمسة أسطر عن كتاب أو رواية أقرؤها، وعادة تكون بين خمسة وستة كتب شهريا. إذ أحب أن يعرف القارئ، وبالذات الشباب والشابات منهم لماذا أعجبني كتاب ما ولماذا لم يعجبني كتاب آخر، وأشعر بسعادة متناهية عندما أرى أن القراءة بدأت تأخذ حيزاً معقولاً من أوقاتهم.
وحول رأيه في التصريحات النقدية التي طالت تجربة د. تركي الحمد الروائية يقول المعجل: أرى أن ما قيل يعد من قبيل الآراء الشخصية كأطروحات تفتقد الدقة مع كامل احترامي لشخص خالد الرفاعي، والدكتور عبدالله الغذامي، فعندما يصدر الغذامي نقداً يجرّد «الدكتور تركي الحمد من جميع مقوماته ككاتب وروائي فهذا إجحاف كبير لمقدرة تركي الحمد. نعم، أجدني أستمتع بتركي الحمد ككاتب مقال سياسي وتاريخي أكثر من الروائي، ولكن لم ولن يصل الأمر لأن أقول وأصرّح بأنه لم ولن يكتب أدبا.
فعدم توفيق الحمد في بعض رواياته، وبالذات في رواية (ريح الجنة) -كرأي شخصي- لا ينزع عنه صفة الروائي. ومن قبيل رؤية القارئ العادي تصف ريما الحسن الحالة بوجهة نظر موجزة وتقول: أرى أنَّ كثافة الطرح النقدي عبر الإعلام مؤخراً تعدُّ حركة تصحيحية للركود السابق، وإن اختلف الوضع الآن مع الكثافة الإنتاجية التي لم تشهدها الساحة مسبقاً، إلا أن السوء في ذلك يتمثّل في بعض المبالغات التي تتجه لتضخيم بعض التجارب، والتي ينصدم القارئ بعدها في عادية الإنتاج المحتفى به أو حتى تفاهته، خاصةً مع التجارب الغضة، وهو ما نجد عكسه مع الأقلام المحترفة، إذ صار الأمر وكأنه من قبيل (الموضة الإعلامية) في مهاجمة الناجح، وتضخيم المغمور!. وهي الحالة التي حصلت مع مهاجمة الدكتور تركي الحمد، إذ أرى أنَّ الأمر لا يتعدى الضوضاء الإعلامية لا أكثر.
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home