وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الأربعاء، شوال ٢٤، ١٤٢٧

تحقيق// الأيام الثقافية السعودية في مصر1-2




اليوم الثقافي


1-2
الأيام الثقافية السعودية في مصر

مثقفون يجمعون على أهمية التبادل الثقافي بين المملكة والعالم

الصامطي: الأيام الثقافية يجب أن تكون حدثاً مستمرّاً وعلى مستوى أكبر

الرياض - منال العويبيل

هدى العمر

خالد الصامطي


محمد مظهر



في هذه الحلقة الثانية لاستطلاع آراء المثقفين حول الأيام الثقافية في مصر نستطلع عدداً من الآراء، في جولة أخرى يبسط المثقفون آراءهم واقتراحاتهم حول هذه الأيام، وحول دور وزارة الثقافة في إثراء الحركة الثقافية والتواصل مع الآخر.
وبدءًا تتحدث التشكيلية هدى العمر، والتي سبق وكان لها مشاركة في الجناح التشكيلي للملحقية الثقافية في معرض الإسكندرية الأول للكتاب في وقت سابق هذا العام، إذ تقول: أجد أنَّ الفكرة رائعة، وأحييّ وزارة الثقافة والإعلام على الاهتمام بمثل هذه الأنشطة التي تغذي روح المثقفين والمبدعين، وتُبرز ما يتمتع به المواطن السعودي من عطاء إبداعي متميز في شتى المجالات.

القاص خالد الصامطي رأى أن القيام بمثل هذه النشاطات الخارجيّة شيء مرغوب وحسن تنفيذه ولا شك يصنع الصورة الحقيقية للبلد. فالأيام الثقافية يجب أن تكون حدثاً مستمرّاً، وعلى مستوى أكبر. بمعنى ألاّ يتوقف على البلدان العربية وحسب. نحن بحاجةٍ إلى التعريف، أن نُخبر الآخر عن بصمةٍ فكرية وأدبية مؤثرة، وإطلاعه على نماذج من النتاج الثقافي في بلدٍ يجمع في أقاليمه عدة ثقافات متباينة، وبها ما يميزها.
أمّا التشكيلي محمد مظهر فيرى أن فكرة التبادل الثقافي بين السعودية ومصر ليست جديدة، بل هو اتجاه نهجته سياسة البلدين منذ زمن بعيد؛ لتعزيز أواصر المحبة والالتقاء في شتى المجالات، وعلى التأكيد منها الأنشطة الثقافية. وتعتبر الفنون التشكيلية- بحسب مظهر- أحد أهم الجوانب التي تساهم في تعزيز التواصل الفكري كونها نوعا من اللغة الراقية، والتي تخاطب الوجدان, وتؤكد على القضايا المشتركة بين البلدين الشقيقين.

وعلى ذات الصعيد كذلك أيدت منيرة السميح، ضرورة مثل هذه التظاهرات، حيث رأت أنَّها فكرة رائعة نحن أشد ما نكون حاجة لها؛ ليطَّلع علينا الآخر الذي قد يجهل الكثير عنا أو قد يعرف ما هو مغلوط وهذا الأدهى.
وحول مدى كفاية مثل هذه التظاهرات لتعميق التواصل والعلاقات الثقافية بين المملكة والدول العربية والأجنبية، تجيب التشكيلية هدى العمر بقولها: قد يكون تنظيم أيام لا يكفي، وإن كانت هذه الأيام تحمل رسالة فنرجو أن تصل إلى البلدان الأجنبية. بينما أكد خالد الصامطي أنّ هنالك عدة طُرق، وقال: مادمنا نملك الإمكانيات، ولدينا الأسباب التي تدعو إلى تفعيل هذا الجانب، فلماذا نكتفي بنشاطٍ واحدٍ تقوم به إدارة حكومية واحدة. لنستفيد من تجارب الآخرين، اليابان مثلاً لا تنقطع معارضها من التجوال في العالم، معارضها التي تعرض نتاجاً علمياً، أو الأخرى التي تعرض ثقافتهم وتاريخ شعبهم وتعريف الآخر بهم. باختصار: عند وجود أكثر من طريقة لتقويم الشيء وتصحيحه، فلماذا لا تتوزع مراكبنا على جميع الطرق.

أمّا منيرة السميح فقالت: مما لاشك فيه أن هذه الأيام تعد خطوة بارزة في طريقنا نحو تعميق التواصل، وفي اعتقادي أنها ستفلح في السير بتواصلنا مع الآخر نحو الأمام، لكنها لن تكون كافيه لوحدها.
وأيد التشكيلي أحمد مظهر إقامة فعاليات ثقافية أجنبية وعربية بالمملكة مبرراً ذلك بأنه يعد نوعاً من التواصل الثقافي، فتظهر جوانب الحضارة في كل بلد؛ إذ يكون هناك نوع من التقبل الفكري الذي يدعم التواصل.
خالد الصامطي بدوره أيّد ذلك أيضاً من كونه سبيلا إلى توسيع آفاق المتلقي هنا، ويساعده أن يكون أكثر انفتاحاً وتقبلاً لجميع الثقافات، ويعرّفه على الآخر. وبشكلٍ عام الأمر مفيد على مستوى سياسي واقتصادي وفكري.
كذلك كان الأمر مع التشكيلية هدى العمر حيث تقول: أؤيد وأبارك أي خطوة تدعم الثقافة المحلية، وتجعل المواطن السعودي يطّلع على الثقافات الأخرى. فليس كل مواطن لديه المقدرة على زيارة شعوبٍ عدة خارج وطنه، والاطلاع على ما وصلت إليه في شتى المجالات سواء الإبداعية أو العلمية.

منيرة السميح علّقتْ بأنّ ذلك سيسمح لنا بالانفتاح على الآخر وفهمه، هذا الفهم الذي لن يتأتى إلا من خلال الاطلاع على ثقافته بشتى جوانبها، فهي كفيلة أن تعكس لنا أي دولة، وأي مجتمع هو. بالإضافة إلى أنها معرفة تصل إلينا لنقف عليها ونتطلع دون عناء.

وحول توافر وسائل أخرى لتعميق التواصل مع الآخر عربياً وأجنبياً، رأت هدى العمر أنه ولا شكّ تتوافر وسائل عدة للتواصل مع الآخر، فقد لاحظت خلال إقامة معرضي مؤخراً في القاهرة أنه لا توجد لدى الملحقية الثقافية السعودية، والتي تمثـّلنا في الخارج مراجع موثقة بأسماء مبدعي ومثقفي المملكة، وقد أحزنني كثيراً أثناء الندوة المصاحبة لمعرضي بذكر أحد المحاضرين المصريين معلومة عن كاتبة سعودية، وأشار إليها بأنها رائدة في مجالها والوحيدة المعروفة عالمياً. (وهذه المعلومة على حسب معلوماتي خطأ). كما أنّ هناك مبالغة من قِبَل بعض من يمثـّلونا خارج حدود الوطن في سيرهم الذاتية، وقلةً في المعلومات عن التاريخ الذي يخص مجالهم الإبداعي، مما يُظهر ضعفهم في الحديث عن مجالاتهم إعلامياً، وأقترح هنا أن تكون هناك موسوعة متجددة مع مرور الزمن تضمِّن أسماء وسيرا ذاتية للمبدعين والفنانين، وتصنيف للأجيال كل في مجاله، وتُمنح لجميع ملاحقنا الثقافية في مختلف البلدان؛ حتى يسهل عليهم إيجاد المعلومة عن أي مواطن قد يتقدم بطلب إقامة نشاط ثقافي، فهو بمثابة سفير للوطن.

وتابعت الفنانة العمر قائلة: من وجهة نظري أتمنى أن تكون هناك معايير وشروط تتوفر لدى المواطن الذي يمثـّل الوطن في مثل هذه الأنشطة. فلقد أقامت الدولة عدة أنشطة سابقاً في مجالي وهو الفنون التشكيلية، وقد تعودت على تعميم يصلني كل فترة عن إقامة أسابيع ثقافية تُبرز الثقافة والتراث المحلي، وتدعوني للمشاركة بأعمالي. كما كانت هناك تعميمات تصلنا نحن التشكيليين عن إقامة المسابقات العالمية، وتدعونا للمشاركة أيضاً قبل موعد المسابقات بفترة كافية لتحضير الأعمال. ومن ثم تُشرف لجنة على اختيار الأعمال المتميزة لتمثـِّل الدولة في الخارج. إلا أني أتممت ثلاث سنوات وأنا أتساءل لماذا توقفت هذه التعميمات؟. ومن هنا آمل أن يكون هناك قسم إداري لدى وزارة الثقافة والإعلام للتواصل مع البلدان المختلفة، ومعرفة جداولها السنوية لإقامة الأنشطة الثقافية، وترتيب خطة دورية سنوية تضمن إقامة أنشطة ثقافية إبداعية.
وبلا شك هذا سيسهم في التواصل الثقافي المنظَّم بين مملكتنا الغالية والبلدان المختلفة. أما محمد مظهر فيعوّل على التواصل الإلكتروني مع الآخر إذ يقول: يساهم العصر التقني الذي نعيشه في تسهيل سبل التواصل على المستوى العربي والأجنبي، كما أن هناك بالتأكيد العديد من الأوجه الحديثة التي يمكن إيجادها بإنشاء مراكز دائمة تعمل بشكل دوري لتلم بكل ما يستجد في الجوانب الثقافية، بحيث تكون هناك حركة تعمل بشكل دائرة بين المراكز تهتم بمستجدات الحياة الثقافية في المجتمعات، وتساعد على تنظيم مثل هذه اللقاءات بشكل مخطط ومدروس.
وعلى خط أعمق تؤيد منيرة السميح الابتعاث للدراسة في الخارج، والتي شهدت في الفترة الأخيرة تقدماً ملحوظاً، حيث إن هذه البادرة من شأنها تقوية علاقتنا وتواصلنا مع البلدان الأخرى. حيث إنَّ فائدة هذا التواصل تكمن في قدرته على بناء مجتمع إنساني واحد قائم على احترام الآخر أياً كان مذهبه ولغته ولونه.