وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

السبت، شعبان ٣٠، ١٤٢٧

تغطية// الفعالية الأولى للجنة النسائية بأدبي الرياض

اليوم الثقافي
السبت 01 - 09 - 1427هـ
الموافق 23 - 09 - 2006م



في الفعالية الأولى للجنة النسائية بأدبي الرياض

الغريبي: العنوان العريض لحالة المسرح اليوم يصل بنا إلى الاعتراف بعدمه



منال العويبيل - الرياض



دشّنت اللجنة النسائية في نادي الرياض الأدبي مساء الاثنين الماضي أُولى فعالياتها الثقافية بندوة تحت عنوان: «الوطن.. الهوية والانتماء» في إحدى قاعات مكتبة الملك عبد العزيز فرع المربع، تزامناً مع احتفائية المملكة بيومها الوطني، وقد كان مستوى طرح المشاركتين الدكتورة سميرة قطّان ، والأستاذة لينا السليم ، وعمق المداخلات نجمَيْ هذه المناسبة في ظل الحضور الشحيح من الجمهور العام ، والذي عزته الحاضرات للقصور الإعلاني عن المناسبة.

كانت البداية لتقديم موجز من الدكتورة سعاد المانع (مديرة الندوة وعضو اللجنة النسائية) للدكتورة سميرة قطان مديرة فرع الجامعة العربية المفتوحة في جدة، والحائزة على دكتوراة برسالة عن «عمل المرأة في المملكة.. تحليل للتقليدية والتغيّر»، والتي سبق أن أعدت العديد من البحوث الاجتماعية حول المجتمع السعودي والأسرة. وقد شرّعت حديثها حول المفهوم الأساسي للاستيطان الإنساني في سبيل الاستقرار، وتحسين المعيشة، والذي تأتى مباشرة من فكرة إعمار الأرض، إلا أن مفرزات الحياة المدنية، وتحوّلها من النمط القروي البسيط، فاقم مشاكل المجتمع الذي فَقَدَ على إثر ذلك العديد من قيمه الحميدة إبان التوسع المعيشي.

ومن ناحية ركّزتْ في حديثها على الوعي العام تجاه المعنى الكامل للمُوَاطَنَة من حيث شمولها لجميع الأدوار، والمسئوليات بعدة متطلبات.. تتمثل على سبيل المثال في وعي المواطنين بأن الأمن مسئولية مشتركة، ولا تحتكر الدولة فقط مسئوليته. كذلك ركزت على ضرورة اهتمام العامة بالانخراط في النشاطات الخيرية والتطوّعية ، والاهتمام بالمحافظة على البيئة والممتلكات العامة كما لو كانت ملكا لكل شخص، وبالتالي تترتب عليه مسئولية الحفاظ عليها. وقد كانت أهم النقاط التي أثارتها التأكيد على مبدأ التماسك والتفاعل المباشر بين أطياف المجتمع في محيطه المباشر ومن ثمَّ تتوسع دائرته.. بما يكفل القضاء على شعور الاغتراب، والحفاظ على القيم الإيجابية، وهو ما يمكن تأسيسه بتوجيه الاهتمام بمراكز الأحياء التي تساهم في زيادة الروابط بين سكان الحيّ الواحد ، وتهتم بتشجيع الأُسر للمشاركة في أنشطة عامة مختلفة التوجهات لجذب الجميع، وبالتالي خلق جوّ من التعاضد الاجتماعي الحقيقي الذي يلغي العزلة أو الإقصاء.

ومن ثم انتقل الحديث إلى لينا السليم ، حاملة شهادة الماجستير في تخصص المناهج وطرق التدريس من جامعة الملك سعود، والتي تبنت ورقة عملها مفهوم «المواطنة والتعليم»، وأكدت حقيقة تكثيف الضوء على إصلاحات التعليم، ليس لمجرد الدعوات الخارجية لمرحلة ما بعد 11 سبتمبر بقدر ما للأمر علاقة باحتياجاتنا الخاصة، فحقيقةً لا توجد مشكلة في المجتمع إلا وكان للتعليم دور فيها.
وأضافت: إذا كان أحد أهم الأهداف التربوية في مراحل التعليم المختلفة (إيجاد المواطن الصالح) يجب علينا التساؤل عن مدى تحقق ذلك، والإقرار بأنه لن يحصل بوضع مقرر يحمل اسم التربية الوطنية، بل يحتاج صناعة كاملة من الصغر. وشددت على الإيمان بأن المُوَاطَنَة في أصلها الحقيقي ترادف المعرفة، وأن من أكثر المؤثرات السلبية الظن الخاطئ بمثالية المجتمع، وهو ما يناقض فكرة المواطَنَة الصالحة التي تتطلب استشعار مشاكل المجتمع، وتفهم عيوبه في سبيل السعي لإصلاحها بمسئولية مشتركة من الجميع.

ومن جانب آخر يجب عدم إغفال تأثير اعتماد الهوية الدينية كأساس على حساب الهوية الوطنية، وهو الذي لا يُحتسب كخطأ بقدر إشكالية تهميشه لمفهوم الوطنية لدى الأفراد. كما تناولت في معرض حديثها الجدل القائم عما يمكن وصفه بالخصوصية السعودية، والتي يتلقفها توجّهان أحدهما الإنكار، والآخر التعلق الشديد لدرجة الرغبة في الانغلاق، وعرقلة الانفتاح على الغير.. فعلى سبيل المثال ساهم الانغلاق في تغييب إنجازات المرأة السعودية، حتى ظلت تُرى بعين التفاجؤ بقدراتها من الآخرين، مما يوجب التساؤل عما إذا كان المسبب: التقصير من الداخل، أم قولبتها من قِبَل الخارج.

ومن ثمّ انتقل الحديث لعدد من المُدَاخِلات، تقدمتهن الدكتورة تهاني الغريبي بورقة موجزة عن دور المسرح في تنمية الهوية الوطنية، وأن العنوان العريض لحالة المسرح اليوم يصل بنا إلى الاعتراف بعدمه. ومن ثمّ استعرضت بإيجاز دور المسرح منذ العصر الفيكتوري، وحركة المسرح الناصري، والشيوعي، وما تحققه من تنوع يضم كافة الأطياف السياسية، ويعزز الهوية، وإن هذا التأثير لن يتأتى محلياً إلا بجودة الكتّاب، وعمق رؤاهم، وقدرتهم على الصياغة الواعية بالمحيط الاجتماعي.. خاصةً أننا نعترف بأن حالتنا الراهنة مع بعض التيارات المتصارعة تجعل فتح المجال المسرحي أشبه بفتح النار!.

وحول دور الأدب في تعزيز الهوية كان للدكتورة وسميّة المنصور رؤية هي أن الأمر ينطلق ببساطة من مبدأ أن الكلمة مسئولية، وأن الهوية تترتب للإنسان فعلياً بما اختاره قلبه، وعقله. كما أن خلق فردية الإنسان عن طريق القراءة يجعله يبني هويته بما يقرأه، وأنه في ظل الانفتاح الإعلامي لم يعد على الأسرة سوى تنمية المسئولية داخل أفرادها للرقي بانتقاءاتهم.

أما التشكيلية هدى العمر فكان لها مداخلة حول العلاقة بين الفن التشكيلي والهوية الوطنية، فابتدأت حديثها حول ضرورة توعية المجتمع بالفن بصفة عامة من كونه رسالة تحتاج إلى مستجيب.. خاصةً من كون أن التشكيلي يولد في إطار اجتماعي، ويضمّن طرحه - برغم ذوقه الخاص - مؤثرات بيئته. وفي عرض تاريخي مبسّط تناولت الاتجاه الحديث للتجريد في الفن (والذي يُعدّ قمة وصول الفنان لأسلوبه)، والذي يُعد فعلياً منبع الفن الإسلامي، وإن كان الغرب في عصر فنهم الذهبي اتخذوا الجسد كأداة عليا للتعبير، فقد اتخذ الفنانون المسلمون ترميزهم الراقي في التجريد، وبالتالي من منطلق أن الفنان السعودي وريث طبيعي لحضارته الإسلامية استطاع تحقيق ذاته، ونيل مكانة مميزة بجوائز عالمية رسّخت هويته الفنية والوطنية.

ومن ناحية عقّبت الكاتبة أميمة الخميس (عضو اللجنة النسائية في النادي) في مداخلة لها عما تطرقت إليه ورقة الدكتورة سميرة قطّان حول واجبات المواطن، بأنه يجب التركيز على تعزيز الإحساس بالانتماء ، والمشاركة بعدة أمور تشمل: الاقتراب أكثر من صنّاع القرار، والمؤسسات المدنيّة، وتأسيس البرلمانات، والانتخابات الحرة. إلى جانب أنه يجب أخذ إشكالية الانتقال من القيمة القبلية أو الزراعية، إلى شكل الدولة الحديثة بعين الاعتبار، إذ صعّبت الوعي الكامل بالولاء المباشر لمفهوم الدولة.

أما الإعلامية نوال الراشد فكان لها تعقيب حول ما للإعلام من دور مؤثر في تعزيز المواطَنة، خاصة المرأة التي أخذت تُثبت مكانتها الإعلامية بعد مرحلة من التغييب الذي تقيّد بالتقاليد الاجتماعية، وتجاهُل المؤسسات الإعلامية للمرأة، وحكر عملها دون مسمى وظيفي، إلى جانب الافتقار للتخصصات الإعلامية، والاعتماد على التعليم الخارجي.

ومن جانب آخر نوّهت الدكتورة سعاد المانع بجمالية توقيت تدشين أولى فعاليات النادي الأدبي بلجنته النسائية الذي يقارب الاحتفاء باليوم الوطني، كون الوطن والوطنية مِن ألحِّ القضايا الحالية، ومن ناحية أشادت بجهود فاطمة الحسين (مديرة المكتبة عضو اللجنة النسائية) التي سهّلت جعل المكتبة موقعاً لتدشين فعاليات اللجنة. وأبدت سعادتها بالمشاركات في الندوة رغم أسفها على شح الحضور. وقد حرصت اللجنة التي ضمت عدة أطياف ثقافية أكاديمية وغيرها (بدءًا بالدكتورة سعاد المانع، وفاء السبيّل، فوزية أبو خالد، فاطمة الحسين، هدى الدغفق، أميمة الخميس، هيلة الخلف، أميرة الزهراني) على توزيع استبيانات على الحاضرات بغرض استطلاع الاقتراحات والرؤى حول الملتقى الشهري الذي تعتزم تدشينه، وبالتالي تمت أول فعالية برضا من الحاضرات عن مستوى الطرح، آملات توسيع العديد من الأطروحات لندوات أوسع، بحضور أكبر، وتفاعل إعلامي أقوى.