وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الخميس، شوال ٢٥، ١٤٢٧

تحقيق//الأيام الثقافية السعودية في مصر2-2



اليوم الثقافي


اليوم تتابع فعاليات الأيام الثقافية السعودية في مصر2-2

الثقافة السعودية قادرة على تولِّي دور ريادي في العالم العربي


البار: أهم الوسائل الأخرى للتواصل هي الشبكة العنكبوتية


نستكمل عبر هذا الاستطلاع رؤى عدد من مبدعي المشهد الثقافي، لرسم تصورهم حول مدى تفاعلهم تجاه هذه التظاهرات، التي اعتبرها البعض مهمة، فيما يعتقد آخرون أنه يجب الالتفات إلى مجموعة من النقاط أهمها التنوع في المشاركات، وإشراك أكبر عدد ممكن من المبدعين والفنانين.
وبدءًا أثنى الناقد الفني طارق الخواجي على هذا التوجه من قِبل وزارة الثقافة والإعلام - وإن لم يُستحدَث- كتحركٍ واع يبشّر بالكثير، إذ يقول: أعتقد أن فكرة الأيام السعودية قد طُرحت من قبل وفُعّلتْ في بعض الدول الأوروبية، لكنها كانت تتناول الموروث الحضاري في تاريخ الجزيرة العربية، دون أن يكون ذلك مدخلاً خلاقاً يؤسس للغير فكرة الإطلاع على الحركة الثقافية الحاضرة في السعودية اليوم.
وتابع قائلاً: إن مثل هذه الأيام التي ستدشنها الوزارة في مصر دليل على تحرّك واعٍ لدى الوزارة، ورغبة في إظهار الجانب الثقافي السعودي البارز بقوة في الوقت الحاضر، والقادر على تولِّي دور ريادي في العالم العربي، ولا شك أن اختيار مصر لبواكير هذه التظاهرة الفعّالة له أثره الكبير، لما لساحة الثقافة المصرية من حضور قوي في الثقافة العربية، ولما لها من تأثيرات جمة على الحركة الثقافية السعودية في عددٍ من حقبها.


وبحماسٍ لنصرة التشكيل أجابنا التشكيلي وعضو جماعة فناني (بين مائين) أحمد البار بقوله: أجد الفكرة صائبة جداً لتبادل الخبرات فيما بيننا وبين دولة مصر الشقيقة، وللتعرّف على ثقافات بعضنا البعض من خلال هذه الأيام.
وبحسب البار، فإن اللوحة التشكيلية تمثّل ثقافة البلد، فمن الضروري أن يكون هناك معرض تشكيلي سعودي مصاحب لهذه الأيام الثقافية ليتسنى للجمهور المصري التعرف على ثقافة بلادنا الحبيبة من خلال المعارض التشكيلية، وكذلك الندوات المصاحبة، والمواد الثقافية الأخرى، فكلها مكمِّلة ومرتبطة ببعض، وأتمنى عدم اقتصاره على دولة مصر فقط، بل نتمنى توافر معرض تشكيلي سعودي مصاحب لأي أيام ثقافية في أي دولة خليجية أو عربية أو عالمية، إضافةً إلى الفنون الأخرى حتى لا نهضم حقها.
وعلى صعيد المثقفين الشباب أيدت كل من منى الفضيلي وخلود العيدان، ضرورة مثل هذه التظاهرات، حيث رأت الفضيلي أنَّنا جميعاً نسعى إلى بناء وجود متكامل ومترابط في سبيل الوصول إلى واقع أفضل, وتأتي فكرة الأيام الثقافية السعودية في مصر مواكبةً للأهداف التي نسعى إليها, فهي نقطة انطلاق لحوار بين الثقافات، والذي يُعدّ من أهم الشعارات التي نعايشها، ولابد أن يحمل المحتوى المعاصر والبنّاء، وأن يحتوي مضمونه على الموضوعية ليتحول إلى ممارسة وتفاعل, ويعطي ثماره المرجوة.
كما تهدف مثل هذه الأيام على حد قولها، لإعطاء الفرصة للآخر للتعرف على الإسلام وثقافات شعوبه, ومعرفة الاختلاف والتنوع الثقافي.. الذي لا يعني التمحور على الذات، والفصل بين الحضارات، فهناك روابط مشتركة لا يمكن الفصل بينها. بينما أثنت العيدان بأنها مع كل (التقاء) يجمع ما بين أرضين ويمتد بنا نحو سماء واحدة يشكل ثقافة متكاملة.
ويؤكد طارق الخواجي، رداً على سؤال حول مدى كفاية تنظيم مثل هذه الأيام لتعميق التواصل والعلاقات الثقافية بين المملكة والدول العربية والأجنبية، بقوله: إن مشاركةً من هذا النوع ليست كافية للتواصل، لأنه يجب أن يكون هناك إدراك لمكامن قوة الثقافة السعودية وغيرها من قبل، وبها يمكن ترتيب التظاهرات الثقافية التي يحييها مثقفون حقيقيون من السعودية، ولا يمكن اختيارهم إلا عبر معرفة جيدة بالنتاج الثقافي السعودي، وهنا يأتي لهذه الأيام دورها حيث تعمق مثل هذه الأيام هذا التواصل، وتؤكد على قوة الحضور الثقافي السعودي، وكذلك على الرهان الذي تطرحه الوزارة في ممثليها الذين يجسدون هذه الحركة، ويؤكدون مواطن قوتها واستمراريتها.
أمّا خلود العيدان فرأت أنّها خطوة وليس اكتفاء، فمن صورتنا، إلى هويتنا، وقال: في الوصول إلى ما نطمح إليه، هناك الكثير مما يجب القيام به.
كما علَّقت منى الفضيلي حول ذلك بقولها: لا أستطيع الجزم بأن هذه النشاطات كافية لتعميق التواصل مع الآخر والتعريف بالذات, ولكنها بالطبع مهمة جداً، ولها بالغ الأثر على علاقة المملكة ثقافياً مع غيرها من الدول، بَيْدَ أنَّ استمرارية تفاعل هذه النشاطات، والتزامن فيما بينها، وتحديد أهدافها، والعمل عليها سوية قد يكون مناسبا جدا لقيادة مثل هذه الأفكار، وترجمتها على أرض الواقع، فالجهود لابد أن تكون مستمرة، ومترابطة وفعالة، ولابد أن نفكِّر دائماً في الأفضل وبأن أي عمل أو فكرة تحتاج إلى التجديد والتطوير، وأن لا يكون أي عمل كافياً بل يحتاج إلى المزيد كي يعطي المرجو منه.
وأيد المشاركون في الاستطلاع فكرة استضافة المملكة لفعاليات ثقافية مشابهة، إذ يؤكد طارق الخواجي على ضرورة تأييد استضافة المملكة لأيام ثقافية من بلدان عربية وأجنبية، وقال: إن أأقل ما تفعله هذه الاستضافات هو تلاقح الأفكار، وإطلاعنا على نتاج الآخرين، وما يتبع ذلك من تقييم تجاربنا عبره، والاستفادة منه، وأيضاً اكتشاف الفروق الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على تفاعل المثقف مع مجتمعه الذي يكوّن جمهوره المتلقي.
وأشار أحمد البار إلى ذلك بقوله: أؤيد وبشدة فكرة استضافة مملكتنا الحبيبة لأيام ثقافية عربية وأجنبية لما في ذلك من تقوية لعناصر المحبة والمودة والإخاء بين الشعوب، أيضاً لكي يتعرفوا على ثقافة بلادنا، ومن ثم يُنقل هذا التراث إلى بلادهم في صورة مشرِّفة ومشرقة بالنور والإبداع والجمال وبلادنا الحبيبة غنية بشتى أنواع الثقافات.
من جهتها أيدت منى الفضيلي الاستضافة مؤكدة أن هذه الخطوة لا تتعارض مع استضافة الآخر لنا، فلابد أن تكون المملكة سبّاقة لمثل هذه الأفكار وتطبيقها، فهي تخدم ثقافة البلد، كما تخدم الآخر كحلقة متصلة ببعضها، وطريق متساو من الأخذ والعطاء, كما أنّ التوسع من قِبَل الثقافات العربية تجاه الأجنبية أيضاً مهم جدا, فنحن لا حدود لعلاقاتنا، ولا لنمو واقعنا، ولا لثقافتنا، نحن نريد أن يتعرف العالم كله علينا، وأن نعرفه تماماً حق المعرفة.
خلود العيدان وافقت ذلك حيث إنَّ قبولنا ومعرفتنا بالآخر- كما علّقت- تمنحنا مقدرة أعمق على تعريفنا به، فللطرف الثاني مداخل تستحق أن نميّزها لكي نضيء عتمة فرضها آخرون!.
وفي سؤالنا عن اقتراحاتهم لوسائل أخرى لتعميق التواصل مع الآخر عربياً وأجنبياً، رجّح أحمد البار الاتجاه الالكتروني للتواصل مع الآخر حيث يرى: إنَّ أهم الوسائل الأخرى للتواصل هو الشبكة العنكبوتية، حيث يستخدمها الملايين في الوقت الحالي كرابط عالمي بديع، ونستطيع من خلالها نشر ثقافاتنا إلى أبعد نقطة في العالم، ولكن تحتاج إلى متابعة ودقة في العمل.
واقترح البار أن يكون هناك موقع الكتروني شامل بشتى مجالات ثقافة بلادنا الحبيبة، وقال: يتطلب هذا الأمر جهداً كبيراً من المسئولين، وسيكون له صدى محلى وعربي وأجنبي، وأن يكون الموقع بعدة لغات بدايةً من العربية والانجليزية والفرنسية، حتى نستطيع التواصل مع شتى أنحاء المعمورة في الوطن المحلي والخليجي والعربي والعالمي.
ويحدد طارق الخواجي وسائل الاتصال مع الآخر بقوله: هناك وسائل، لكنها تبدو ضعيفة مقارنةً بالمشاركات التي يحضر فيها المثقفون ويتواجدون ويتناقشون، هذه الوسائل تبدو واضحة بشدة في المواقع الالكترونية التي تجمع النتاج الثقافي المختلف، والذي يبدعه مثقفون من بلدان مختلفة، مما يؤثر بشكل أقوى، لأن موطن التعبير هنا لغوي صارم لا دخل للمعرفة الشخصية أو التواصل المصبوغ بالمجاملة في تقييم ونقد النصوص المبدعة.
كما تفضِّل منى الفضيلي تأييد الاحتكاك المباشر، حيث إننا بحاجة البحث واستكشاف أنواع جديدة من التواصل، فقد انتهى النمط الكلاسيكي الذي يفتقد إلى قنوات الحوار المعاصرة، والتي يتطلبها الزمن والظروف الراهنة, حتى نسيطر على تلك الحلقة المفقودة التي تصلنا بالآخر، وتعرّفنا على ذاتنا أولا. وأود التركيز هنا، على فكرة عدم الاعتماد على النخبة في التأثير، ولكنَّ التوجه إلى مؤسساتنا الصغيرة، والتي تحمل أفكاراً ربما بسيطة، ولكنها جديدة كنقطة انطلاق فعلية لنمو تواصل جديد. وبالطبع كلما كانت الوسائل ميدانية، وتلامس الواقع كان أثرها أكبر. وصحيح أن المؤتمرات والندوات والمناسبات الوطنية وغيرها من النشاطات قد تكون حلقة وصل مع الآخر إلا أنَّ ملامسة الظروف على طبيعتها، أو نقلها إلى الآخر بشكل ملموس ومؤثر أفضل من النقل السمعي أو المرئي, لذلك فمثل هذه الأيام الثقافية التي تحوي العديد من النشاطات من أهم الوسائل والأفكار التي لابد أن تُتبنى وتُكرَّس لها الجهود, أيضاً وضع خطط سنوية من وزارة الثقافة لعمل أنشطة متنقلة تحتوي على ثقافة كل بلد، والتنقل من بلد إلى آخر عبر خطط زمنية قد تكون فكرة حضارية ومناسبة لتعارف الشعوب وتطورها.
أما خلود العيدان فتقترح تبني المؤتمرات الشبابية بما فيها من ورش عمل، وجلسات نقاش كوسيلة هي الأحدث والأقوى والأسرع في نظري على الأقل.
ومع ذلك فإن كثيرين يرون أنه بات علينا الآن الإقرار بأن هذه الخطوة دافعة لتواصل أرقى يؤمن بمباشرته بأن الثقافة السعودية ليست قبيلاً من الترف النفطي الذي حصرها فيه آخرون منذ زمنٍ ليس بالقليل، ومن ثـَمَّ تواصلت من بعده الفكرة بين اللمز والتشكيك. لكنهم مع ذلك يرون أن الخطوة الأهم والأعمق ستكون على الصعيد الداخلي كي يُحتفى يوماً بعروض الأفلام السعودية، التي سيكون لها دور بارز في الأيام الثقافية وكذلك حضور المرأة الفاعل، والتي ستشارك أيضاً بفعالية بحسب ما نشر في جدول الفعاليات.. ومثيل هذا الزخم الإبداعي بصفة عامة كما سيكون في هذه التظاهرة.