وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الخميس، ربيع الأول ٢٢، ١٤٢٧

تغطية// اختتام منتدى الإعلاميات الأول بجدل حول تطبيق التوصيات

الخميس 22 - 03 - 1427هـ
الموافق 20 - 04 - 2006م

اختتام منتدى الإعلاميات الأول بجدل حول تطبيق التوصيات

إعلاميتان من المشاركات في المنتدى

منال العويبيل - الرياض

في غلبة للجهد الفردي على التنظيم الرسمي عُقد منتدى الإعلاميات الأول صباح يوم الأحد الماضي برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله ، بتنظيم أعدَّ جميع تفاصيله مركز المرأة السعودية الإعلامي بجهود مميزة للإعلامية ناهد باشطح، بمبادرة سبقت بها وزارة الثقافة والإعلام التي اهتمت فعلياً - أي الوزارة - بنجاح اللقاء كلبنة يُستنبط منها واقع الإعلاميات في المشهد المحلي بعنوان للعام الأول (الإعلام وقضايا المجتمع).
وبرغم اختلاف نوعية الحاضرات من الإعلاميات والأكاديميات والمهتمات بالشأن الإعلامي توحد حماس الحاضرات على النهل من هذه التظاهرة إذ بدأ بحضور مبكر وصل لساعة ونصف الساعة قبل بداية الفعاليات، والتي دُشنت بمفاجأة حضور الإعلامية والفنانة المخضرمة مريم الغامدي كمقدمة لفقرات المنتدى مستفتحة المنتدى بكلمة لوكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور حمد الجاسر، ألقتها نيابة عنه الأستاذة دلال عزيز ضياء، والتي أكد فيها أن النساء شقائق للرجال، وأن الوزارة مهتمة فعلياً بإبراز كفاءة المرأة السعودية بصورتها الصحيحة، والتي وصلت بعض الإعلاميات فيها لمرحلة فاقت بها الرجال.

تلا ذلك كلمة لراعية الحفل صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله ، أثنت فيها على جهود ناهد باشطح لإنجاح الملتقى، خاصة في هذه الفترة التي وصلت فيها المرأة السعودية إلى مضاهاة أفضل الكفاءات في الوطن، وهو تأكيد على ما حرصت عليه توجيهات خادم الحرمين الشريفين لتأخذ المرأة السعودية مكانتها بالصورة التي تعكس ما وصلت إليه من وعي وعلم.
وهو ما شكرته باشطح في كلمتها التي تلت كلمة الأميرة عادلة من ثناء على حرص خادم الحرمين الشريفين على إثبات مكانة المرأة السعودية، إلى جانب الرعاية الحانية الممثلة بحضور صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة كراعية الإعلاميات الأولى، مثنية كذلك على الدعم المعنوي الذي تبنته وزارة الثقافة والإعلام لإنجاح المنتدى.

اُستهلت الجلسة الأولى بإدارة المذيعة ريما الشامخ بأكثر الأوراق إثارة للجدل حتى اللحظة الأخيرة من المنتدى، وهي ورقة سمر فطاني التي فجرت فيها عددا من القضايا التي تقاطعت مع خطوط يمكن وصفها بالحمراء لعديد من فئات المجتمع تحت عنوان: (دور الإعلام في التنوير بقضايا المجتمع )، وقد جاء في حيثيات ورقتها أن اللوم الأول الذي من المفترض توجيهه حول الجهل بدور المرأة في بناء المجتمع يجب توجيهه بالدرجة الأولى للإعلاميات أنفسهن، واللاتي يعتبرن مسئولات عن كشط فترة الفكر الأحادي الذي أقصى المرأة عن الحياة العامة عن طريق الاكتفاء بواجبات منزلية لا أكثر.

ومن أهم ما طرحته إثارة للجدل كان فكرة ما يُلمس من عداء لا واعٍ تمارسه النساء ضد بعضهن رفضاً لتيار التغيير لأسباب تتركز في إبقاء الحال على ما هو عليه من عزلة النساء، يتمثل ذلك في عدة جوانب من رفض الكثيرات إصدار بطاقة الأحوال الشخصية التي تكفلت الدولة بسن قانونها, ومشكلة النقاب الذي يستخدمه البعض كعازل اجتماعي أكثر منه دينيا بحيث يُنظر للمحجبة دون نقاب بنظرة انتقاص دون احترام للرأي والظرف الذي استندت عليه في ذلك، كحالتها فترة العمل في أحد المستشفيات, كذلك رفض الكثيرات طرح قضية قيادة المرأة اللسيارة والاستكانة للاتكال على الغير في قضاء حوائجهن, وعدم تمرد المرأة العاملة على قضية التمييز المهني.. في سن التقاعد مثلاً الذي يُحد بـ 55 للنساء, إلى جانب ما حدث من جدل تلاه رفض حصص الرياضة في مدارس البنات, كذلك رفض الاختلاط بكافة صوره المعقولة حتى في أمكنة الترفيه العائلية، والتي أفقدت بضعا من الروابط الأسرية التي تتطلب المشاركة, وذلك كله بدعوى الخصوصية, إضافة إلى رفض مواكبة تقدم المرأة العربية وفي الدول الإسلامية بنوع من الاحتجاب عن المشهد الدولي.
ومن ثمَّ شددت في توصياتها على ضرورة إبراز المواقف الشرعية الصحيحة التي تؤكد أن الحياة امرأة ورجل شريكان بالتساوي بدعوة علماء الدين لتوعية المجتمع بذلك الدور.


تلا ذلك تقديم دلال عزيز ضياء ورقتها حول صورة المرأة في إعلام الفضائيات وضحت فيها ما يلعبه الإعلام المرئي من تأثير على الرأي العام في المجتمعات حد أن يصل لإعادة تشكيله صورة نمطية، كما حدث إبان أحداث الـحادي عشر من سبتمبر، وضرورة استغلال إمكانياته لتنمية الإدراك بعيدًا عن السطحية.

ومن جانب آخر تناولت الصورة النمطية التي أفرزتها الفضائيات للمرأة الخليجية بقالب المترفة المرتبطة بعالم الاستهلاك وسفاسف الأمور، عبر فضائيات غالباً ما يمتلكها أو يرعى إعلاناتها راع خليجي مفاقمين الوضع بتفاهات الرسائل القصيرة التي تنم عن غياب وتغييب لشريحة كبيرة من الشباب الفاقد أي هوية.


أما الجلسة الثانية فقد أدارتها الإعلامية منى أبو سليمان مفتتحة بورقة عمل للدكتورة عزة عبد العزيز حول معوقات الأداء المهني للمرأة السعودية، تناولت فيها عبر عجالة تاريخية حضور المرأة العربية في الإعلام المطبوع، وصولاً للسعوديات تحديداً، واللاتي حددت عدداً من أسباب تأخر ولوجهن للإعلام بدءًا بتأخر التعليم الرسمي، وضغوط المجتمع المتشددة في تقاليدها، والتهيب من عالم الإعلام المرتبط بفكرة حصره بالرجال، والاكتفاء المادي.

ومن ثم انتقل الحديث للشاعرة هدى الدغفق في ورقة مميزة الطرح حول الإعلام الالكتروني تحت اسم (الصحفيّة السعودية بين إعلام متحرر ومجتمع متغير) تناولت فيها مميزات الأدب الالكتروني بما يتفاضل فيه على المقروء من الحريات والحوار المباشر وسرعة الاتصال، وصولاً لنقطتها التي أثارت العديد من الجدل حول ما مكنه من قلب طاولة الواقع الإعلامي المقروء الذي غيّب المرأة لتمارس الإعلامية عبر الانترنت ما يُهضم من حقوقها بسبب تسلط الرقيب والمجتمع.

أما ختام الجلسة الثانية فكان بسيرة شاعرية إعلامية للدكتورة فوزية أبو خالد ، والتي عللت عرض هذه التجربة من منطلق أنها تجربة ذاتية لتيار جماعي، تناولت فيها مسيرتها الأولى الكتابية وصولاً للاحتراف الذي مازالت تشكو من قصور فعالياته في ظل نظام المؤسسات الإعلامية الحالي الذي يكرس حضوراً ظلياً للمرأة لا أكثر، وأنها بعد 36 عاماً من المسيرة الكتابية مازالت تشعر بأنها مستضافة في الإعلام أكثر منه كمضيفة فاعلة في صناعة المشهد.

وأخيراً كُلل الحفل ببادرة وفاء لرائدة الأثير الإعلامية (أسماء زعزوع/ ماما أسماء) حيث قدمت لها صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله درعاً تذكارية بمعية ناهد باشطح، علَّ هذا الضوء المسلط عبر منتدى الإعلاميات الأول يشع بمعرفة أوسع من قبل المتلقين للرواد الذين خدموا الوطن، فجهلهم أهله أو تجاهلوهم بالمعرفة، وهو ما تردد من بعض الحاضرات بمفاجأة عدم معرفتهم بمسيرة الرائدة المكرّمة!.

وفي ختام الفعاليات دار جدل واسع إبان عرض الإعلامية ناهد باشطح لتوصيات المنتدى التي اقترحتها أوراق العمل والحاضرات، بتشنج واضح من البعض أفرزه تشاؤمهن من القادم، وهو ما أكدت عليه ناهد باشطح من ضرورة التفريق بين ما يمكن تحقيقه من عدمه، كون الأمر ليس صب جام غضب مما تمارسه المؤسسات الأهلية على الإعلامية من ضغوط، بحيث يحوّل تنفيسها في وجه وزارة الثقافة والإعلام، كون أخذ الأمور بروية وتفاؤل بالمشهد القادم هو الكفيل الوحيد بالتغيير، كما أضافت إن هناك اهتماما كبيرا من قبل الجهات المسئولة ممثلة بوكيل وزارة الثقافة والإعلام، والوزير نفسه برفع التوصيات للدراسة والتطبيق، بما يعزز رغبة حقيقية في إثبات مكانة الإعلاميات السعوديات.


على صعيد آخر وفي حوارات سريعة مع أبرز الإعلاميات سألنا سمر فطاني حول مدى ما تحققه الجرأة من فرقعة جدل أو مسعى للتغيير، أجابت عنه بأن الصمت هو عدونا الأول، نحن هنا - كما تردف - لا نستعرض المكرور من الأفكار والرؤى، بل يجب علينا طرح كل ما نتهامس حوله ليُسمع ويُناقش دون إقصاء لوجهات النظر الأخرى ، آملة من الجيل القادم تبني هذه السياسة بشفافية أكبر في الحوار.

كذلك وفي لقاء سريع مع (ماما أسماء) بعد التكريم شكرت فيه المبادرة وأوضحت أن هذا الحب الذي تُكلل به هو أهم ما في التكريم نفسه بعد هذه المسيرة الطويلة، وأكدت أن المستقبل صار بيد الجيل الجديد المتسلح بأفضل الشهادات التي تسهل له تذليل الكثير من العقبات بعد زمن كان مجرد حصول إحدى الفتيات فيه على الشهادة التوجيهية المتوسطة حدثاً كبيرا.
ومن ناحية أخرى لم تنس أن تأتي على ذكر الرائد الراحل عزيز ضياء وما مثله لها من دعم كبير ساعد في وصولها لهذه المرحلة، والتي تكملها تالياً ابنتها دلال عزيز ضياء في مجال الإذاعة، إلى جانب حضور ابنها ضياء عزيز ضياء كأحد أهم الفنانين التشكيليين في الوقت الحاضر.

ومن ناحية أخرى تحدثت لنا دلال عزيز ضياء مشيدة بجهود مركز المرأة السعودية الإعلامي الذي تابع خطوات التنظيم وتفاصيل الاستضافة بكل تفان، وتضيف في خطاب توجهه للإعلاميات إنه لا يكرّسن فكرة الفصل بين الإعلام الرجالي والنسائي بحيث نصل لمرحلة من التعاون المشترك في إعلام سعودي موحد، وهو ما يؤكده كثير من المسئولين ، فالمرأة وصلت لمكانة موازية جعلتها ترافق خادم الحرمين الشريفين في رحلاته الدبلوماسية كواجهة مشرفة باسم الوطن، إلا أن على الإعلاميات العمل على بروز أكبر بعمق ثقافي ومهاري لا يجعلهن متجاهلات ليفاضل عليهن اصطحاب أكاديميات في مثل هذه المناسبات المهمة.

أماني العطاس خريجة قسم إعلام من جامعة العلوم والتكنولوجيا رأت في منتدى الإعلاميات الأول فرصة لها للتواصل مع هذا الجمع من المحترفات، خاصة أنها في فترة بدايات مجهولة الدرب، فما يفرزه الحوار والاقتراحات - كما تضيف - كفيل بإيضاح الصورة للجميع.


من هنا وهناك:

- كان لحضور الأميرة عادلة مردود معنوي استنصر فيه كثير من الإعلاميات لإيصال أصواتهن للمسئولين.- كان نصيب سمر فطاني عدد كبير من المداخلات التي استهجنت الحيثيات المثيرة للجدل في ورقتها خاصة قضية النقاب والاختلاط إلى آخر لحظة من المنتدى.

- حظيت (ماما أسماء) بشعبية كبيرة وتجمهر العديد من الراغبات بمجرد تحيتها، والذي دلل على مكانتها عند الجميع تقديراً لجأشها الذي غلب الزمن الآخذ في وشم أثره عليها.

- اقتطع قسم كبير من فترة الاستراحة لوصله بالمدة المحددة للمداخلات التي تراوحت بين سخونة النزعة، وواقعية الطرح.

- نالت مداخلة د. سهيلة زين العابدين النصيب الأكبر من تأييد الحاضرات وتشجيعهن والتي شددت فيها على حل وضع الصحفيات بنظام (القطعة)، وهو المصطلح الذي وصفت به نظام التعاون مع المطبوعات دون حقوق وعقود عادلة.

- من أبرز مميزات المنتدى، باعتراف سواد الحاضرات، ما سنح من الحوارات الجانبية المباشرة بين الإعلاميات من كافة القطاعات، إلى جانب حوار الجيل الصاعد منهن مع من هن أعلى سقفاً في الخبرة والاحتراف.- علَتء بعض الأصوات المتشنجة في المداخلات بأسلوب يضمّن تقوّلاً على نوايا المشاركات في هيئة سؤال، مما يعكس حقيقة وجود نماذج ما زالت ترزح تحت وطأة الرأي الواحد
.