وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

السبت، صفر ٢٥، ١٤٢٧

تحقيق// انضمام المرأة ينعش النوادي الأدبية

اليوم الثقافي
السبت 25 - 02 - 1427هـ
الموافق 25 - 03 - 2006م


انضمام المرأة ينعش النوادي الأدبية

عضوية مجلس الإدارة تفتح الباب للمشاركة النسائية الفعالة



منال العويبيل - الرياض
تمت الخطوة الأولى من الألف ميل في إنعاش النوادي الأدبية المحلية، بما يُعد كشطاً لما تقادم من أديم بغية تجديد ما يجري من دماء في حيوات الجهود والأفكار، على أساس تُعتبر فيه المغايرة المرجوة من الآتي لا تقتضي انتقاصاً لأيّ مما سبق، بقدر ما يهدف إلى تراكمية بناءة عوضاً عن تكدس التجارب .
من هذا المنطلق تردد مؤخراً بعد التغييرات التي شملت أعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي في الرياض فكرة دخول المرأة لعضوية المجلس في مرحلة قادمة قريبة، مما يعد نقلة من دورها السابق الذي اقتصر على عضوية اللجنة النسائية المتفرعة من المجلس الرئيس، والتي طالما طُرحت التساؤلات عن دورها الغائب / الحاضر، مما قد يجعل فكرة تواجد المرأة كعضو في الإدارة مبدداً للضبابية الحالية كما يُرجى، في خطوة لا يعني الإبداع النسائي المحلي منها أبهة المنصب والضوء الشكليين بقدر ما يعوّل على سياسة تعاون مشترك متكافئ الفرص في الطرح المطوِّر للوضع .

(اليوم) طرحت هذه الفكرة / التساؤل/ المأمول على عدد من مبدعات المشهد الثقافي الحالي، في محاولة عصف ذهني لرؤاهن حول الأمر، في البداية ترى د. فوزية أبو خالد أن التوجه لخطوة ترشيح المرأة لمجلس الإدارة بالغ الروعة لدرجة أنه سيفتح الباب لنقلة مرحلية للحضور النسائي الذي تأخر تفعيله جداً بعمر إنشاء النادي الأدبي ذاته، والذي قد يجاوز الثلاثة عقود حالياً، بغض النظر عن التواجد السابق للجنة النسائية. وتردف بأنه عوضاً عن التساؤل عن جدوى هذه الخطوة لنعيد الصياغة لـ إلى متى تظل المرأة حبيسة النعوت الخلفية: كالباب الخلفي، والمجلس الخلفي، والواجهة الخلفية للأمور، حيث إن انتقال دور النساء من اللجنة النسائية الحالية التابعة للنادي سيشكل بوناً واضحاً، حيث ستنتقل المرأة من مجرد التواجد لتتمكن في القادم من تقرير المواضيع والأطروحات المتعلقة بالشأن الإبداعي بفعالية أكبر، حيث إن الفترة الحالية ما زالت منحصرة في التنسيق الشكلي مع مجلس الأعضاء الرجال لمعظم النشاطات دون صناعة مشتركة حقيقية للقرار من قِبَلِها، وفي الأمر فرصة لتعاون مشترك متكافئ في فرصه، وساعٍ لتحقيق ما أمكن بأقصى اجتهاد، وإن ظل العمل الإنساني في محصلته النهائية ناقصاً.
وعمَّا قد تفعله المرأة في حال أن تسنح فكرة ترشحها وتصير تجسدا واقعيا لما تردد كأولويات تتوج بها المنصب القادم، رأت أنه يجب الشروع المباشر في التنسيق الفعّال بين الرجال والنساء لأي أجندة للأعمال تُقترح، عن طريق تزكية الأفكار بانتخاب الأفضل دون الاستكانة لأسلوب ترجيح الطرح تبعاً لمزاج البعض، أو رؤى فردية دون أخرى. ومن ناحية لابدّ من الحرص على تبني مقترحات الجمهور المثقف لأي نشاطات قادمة دون اتكال على رؤى واجتهادات ذوي المنصب فقط، إلى جانب تمنيها العميق بالخروج من المكاتب توجهاً للعمل الميداني الحيوي، والعمل على تقاطع الثقافة مع نشاطات المجتمع، وعلى مستوى المدارس، والجامعات، كالحاصل في العديد من دول العالم العربي والغربي، وعلى سبيل المثال: إقامة المناسبات الثقافية في آفاق شعبية أكثر من القاعات المغلقة، كالحدائق العامة، والتي لا تعني تدني مستوى الأمر بقدر تعميم حضوره، وقد سبق على سبيل المثال إقامة أمسية من أروع ما نظمته المملكة المغربية على شرف الشاعر محمود درويش في حديقة عامة، كذلك سبق لي شخصياً _ كما تضيف _ حضور أمسية دعيت لها في حديقة عامة، وقد اعتبرتها خطوة جميلة لإكساب الإبداع خطاً جديداً.
وفي حال تسنى للدكتورة فوزية أبو خالد ترشيح أسماء تجد فيها قدرة لحمل كاهل الآمال، تقول إن هناك الكثير والكثير من الأسماء التي توقن بقدرتهن على حمل مسئولية الأمر بجدارة على سبيل المثال: د. خيرية السقاف، فوزية البكر، فوزية الجار الله، أميمة الخميس، ثريا قابل ... . وغيرهن الكثيرات.

وإذ يرى البعض أن فطام اليأس سبق مخاض الأمل في مثل هذه المنظومات الثقافية التي يعدها البعض متكلسة.. كيف تتخيل الإعلامية الأستاذة ناهد باشطح قادمها؟ وما الذي ننتظره بالفعل منها بدخول النساء لمثل هذه التجمعات الإبداعية، تقول: النساء لا يملكن عصا موسى، وللأسف، لا يستطعن في مثل هكذا لجان أن يحركن الركود، كل ما يفعلنه يمر عبر بوابة الرجل، تماما مثلما الجمل الاشتراطية التقليدية: قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت.
في مثل سؤالك، أخبريني من في اللجان من الرجال أخبرك ماذا ستفعل أو تقدم المرأة فيها، ليس من باب الشعور بالاضطهاد، ولكن من باب التكامل وتقدير الرجل لفكر المرأة بحيث يمنحها الفرصة، وليس الحق في التطوير .
وحول ما إذا تأخر الأمر بما لا يفي العطار بإصلاح ما أفسده تواري دور المرأة مسبقاً تردف: لا، أنا أؤمن بالحكمة اليونانية القديمة: أن تصل متأخراً أفضل من ألا تصل أبدا. وإقصاء النساء لو عدنا للتاريخ موجود منذ القدم، كما تعجبني عبارة شهيرة لامرأة مناضلة من عالم بعيد: " نحن لم نولد نساء لكن المجتمع أرادنا كذلك " . لنقرأ تاريخ النساء اللاتي فرضن إرادتهن، واللاتي لم يعطيهن المجتمع الإذن، بل هن اللواتي فعلن ذلك من باب: " الحقوق لا تهدى " .
وحول فكرة ترشحها يوماً لمجلس النادي ، قالت: أصدقك القول بأنه لم تراودني الفكرة أبدا، ربما لأني لا أعرف حجم المهام المنوطة بهكذا ترشيح ، وربما لأنني لا أتابع الشأن الأدبي حالياً متابعتي شأن الصحافة، هناك من هنّ أكفأ مني لمثل هكذا مكانة، خاصة المتابعات للتحركات الراكدة في مياه الوسط الأدبي.

القاصة والكاتبة الصحفية هيام المفلح في معرض سؤالها عن محور "اليوم" في حال تمّت فكرة الترشيح، وتخيرها لمن هي مؤهلة في نظرها لهذه المسئولية أجابت: تتحدثون عن " الترشيح" وهذا معناه أن هناك "انتخابات"! لكننا لم نسمع شيئا _ إلى الآن _ عن حقيقة وجود انتخابات في النوادي الأدبية.. فكل الأعضاء في نوادي المملكة الأدبية تم تعيينهم ، وسمعنا عن الرغبة في ضم عضوات من النساء لكننا لم نسمع عن انتخابات.. ومادام تعيين العضوات سيأتي _ في حال مجيئه فعلا _ كما جاءت تعيينات أسماء الأعضاء الجدد للنوادي.. فلا لزوم للكلام عن الأديبات المؤهلات لهذه العضوية.. لأن للجهات _ أو للجهة _ التي بيدها التعيين ، اختياراتها وتقييماتها الخاصة!
تضيف المفلح: بالطبع نبارك لكل الأعضاء الجدد في النوادي، مع أن تعيينهم لا دخل لنا فيه، وهذا لا يعني أننا ضد اختيارهم تحديداً، ولكن الحق أننا كنا نتمنى لو تم اختيار قوائم عضوية النوادي بأسلوب الترشح والانتخاب، فالفئات المنتمية، والفئات المعنية، في (المجالس البلدية والغرف التجارية الصناعية وهيئة الصحفيين)، ليست بأرقى حالاً ، ولا أرقى مضموناً من النوادي الأدبية! فلماذا تأخذ تلك الفئات في تلك الجهات فرصتها في اختيار أعضائها، بينما يتم اختيار أعضاء النوادي "من فوق"؟! إن الأدباء والمفكرين، من الجنسين ، عددهم لا يستهان به، وكانوا يستحقون أن يخوضوا تجربتهم الخاصة مع نواديهم بحضارة هم أهل لها.
أكرر .. لسنا ضد من تم اختيارهم، بصفة شخصية، وإنما نحن ضد الطريقة التي اختيروا بها، وضد حرماننا من حق مكتسب لنا ألا وهو الترشح والانتخاب.
أما ما الذي سيحققه انضمام المرأة إلى العضوية، فدعوها تصل للعضوية أولا، ومن ثم سنرى فعلها .. إذ نحن في مرحلة يكفينا فيها إقرار تواجد المرأة على خارطة المجتمع.. لنعترف بوجودها، ولنحجز لها مكانا تحت الضوء أولاً، ومن ثم سنراقب كيف تنمو مواقفها، وتثمر أفكارها وأطروحاتها.

وفي تفاؤل للفنانة التشكيلية بدرية الناصر تجد أن الخبر إن وجد له مكان في الواقع فهو جميل فعلياً، وسيكون لوقعه فرصة استقطاب عدد كبير من المثقفين والمثقفات بفئات مختلفة، إلى جانب الشباب والشابات. أما إن كانت المرأة قد تأخرت كثيراً للوصول فترى أنه لا يمكن إنكار ذلك، إلا أن الأمر لا يجعلنا نستسلم للتشاؤم بسببه، فيظل للقادم تفاؤله.أما عن نوعية الطرح الذي قد تتبناه المرأة من ذلك المنصب فدون شك يؤمل بالتجديد قدر الإمكان فيما يُطرح من جدول أعمال ونشاطات بأكبر قدر من الابتكار .
وحول إذا ما عناها الترشح يوماً لخدمة الحركة التشكيلية لا تنكر بأنه قد لا يعنيها السعي للوصول إلى ذلك، إلا أنها لو سنح لها ترشيح اسم لن تتردد في اختيار الأستاذة سارة الخثلان، وإن كانت من الأسماء البارزة في الوسط الثقافي في المنطقة الشرقية، والتي لها جهودها المميزة التي لا تخفى على متابع، وكونها شخصية رائعة تسعى بكل ما استطاعت لخدمة حضور المرأة، وسيتسنى لها خدمة الشأن الإبداعي في أي مكان أو منصب .