وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الاثنين، ربيع الأول ٠٥، ١٤٢٧

حوار// عبدالواحد الأنصاري بعد روايته الأولى "أسبوع الموت"0



الأحد 04 - 03 - 1427هـ
الموافق 03 - 04 - 2006م
حاورته - منال العويبيل





يذكر عبد الرحمن منيف في كتابه ( لوعة الغياب ) أنَّ الموت ذاته نهاية منطقية لحياة أي كائن، لكن ميزة الإنسان، قياساً للكائنات الأخرى، أن له ذاكرة، وأن لا جديد دون قديم، وهذا ما يعطي الحياة الإنسانية القدرة على الاستمرار والغنى، اعتماداً على التراكم والتجارب التي مرت، شرط أن تكون هذه التجارب مدوّنة لكي يتاح للآخرين الاطلاع عليها.
وفي رواية عبدالواحد الأنصاري يكرس للموت حدثه، في أسبوع كان الأخير من حياة الراحل عبد الرحمن بن سعود، في خط أفقي من الضوء - كما يصفه - للجانب الإنساني للراحل، ليُهزَمَ رحيله بما حضر من شخصه.
تساؤلات نطرحها حول مُنجَزه الروائي الأول ، وحيثيات عدّة.. كعمل إبداعي مستقل، أم توثيق في قالب سردي، وغيرها المزيد.


اليوم الثقافي: يعدُّ البعض تفسير النص خيانة للمنجَز، إلا أنك في (أسبوع الموت) واجهت فكرة التبرير أكثر من التفسير، فما الذي يقتضيه ذلك؟

- إن كنت تقصدين مقدمة قصة الكتاب، التي جاءت في أوله، فتلك لم تكن تبريرا، بقدر ما كانت حكاية لا أعتقد أنها تقل إثارة عن حكاية الكتاب نفسه، وقد خشيت من الندم إذا لم أنشرها مع الكتاب، فتفاديته بنشرها في ثناياه.. وقد واجهت هذه الفكرة بالاحتفاظ بذاكرتي جيّدا ، ولا أزال أذكر أنني عزمت على كتابة هذا النصّ بدافع فني وإنسانيّ بحت، والغريب أن كثيرا من الكتاب لا يلاحظون أن الشخصيات الاجتماعية المرموقة، بعضها صالح جدا ليكون شخصية روائية تنتظر من يكتبها بفارغ الصبر، ويكفي الدافع الفني وحده لتبرير ذلك.


اليوم الثقافي: اختيار منجز توثيقي ليكون أول إصداراتك الروائية.. هل يحصرك في زاوية ما في ذهن المتلقي؟

- لو كانت روايتي في موضوع تاريخي أو أيديولوجي لوجهتِ لي مثل هذا السؤال، لذلك لا أملك إلا فعل ما أراه مناسبا في لحظة فعله.


اليوم الثقافي: أحد الآراء وجدت في (أسبوع الموت) قالباً يتقاطع مع السرد ولا يرتقي إلى مرتبة الرواية، بغض النظر عن توثيقك المسمى بالرواية على الغلاف، كيف تراها أنت بأقصى ما تستطيعه من تجرد ؟
- ما دمت قد أسميتها رواية فهي رواية بالنسبة لي على الأقل، وعلى ذلك الرأي أن يحدد إن كانت رواية جيدة أم لا.


اليوم الثقافي: عبد الواحد القارئ .. ما الذي يلومه من حيثيات التقطها على عبد الواحد الروائي؟

- لا أميل إلى جلد ذاتي، ولا نقدها على الملأ، لأني أعتبر هذا نوعا من أنواع التغزل في الذات، لكنه تغزل خفي.


اليوم الثقافي: مباركة المُنجز السردي بثناء من لامع الأسماء هل تعد من قبيل استمالة القارئ لمنعطف الاستحسان المبدئي الذي يسبق القراءة؟

- بل قد يكون خطرا على العمل، ويوحي بأن الكاتب يحاول أن يتوصل إلى القارئ بذريعة ليست من جنس العمل نفسه، لكني طلبت هذه التقريظات لأنها بمثابة إقرار واعٍ من داخل العائلة بمحتوى الكتاب.


اليوم الثقافي: تحدثت في موضع مغاير عن مراجعات اشترك فيها بعض أبناء المرحوم عبد الرحمن بن سعود ، بغض النظر عما أثنوا عليه .. هل هناك ما ارتأوا حذفه لسبب أو لآخر؟

- الأمير سعود بن عبد الرحمن والأمير سيف الإسلام ، لم يقترحا علي حذف ولو حرفا واحدا ، وكان ذلك بالنسبة لي دليلا على إيمانهما الإيمان الكامل بحرية الكاتب واستقلاليته ، وكان ذلك كرما حقيقيا لن أنساه لهما ما حييت.


اليوم الثقافي: التقاطع مع الأمير الكاتب سيف الإسلام بن سعود .. هل كانت له حيثيات إبداعية للمنجز السردي من منطلق الاتجاه الكتابي له؟ أم اقتصر على مراجعة التفاصيل التي يوثقها كأخ لعبد الرحمن بن سعود؟

- التقاطع مع الأمير سيف الإسلام لأنه قريب للمتوفى رحمه الله، ولأنه مبدع، فقد كنت حريصا على استشارته في الكتاب، من الوجهتين، وتلك ميزة لو بحثت عنها لدى غيره ما وجدتها فيه.


اليوم الثقافي: هل راودتك فكرة حضور اسم (عبد الرحمن بن سعود) - وإن اهتممت بالجانب الإنساني منه في الرواية - بما يُهدف منه استقطاب شعبي لاقتناء الرواية إلى جانب الطبقة المثقفة؟

- نعم راودني ذلك، وأتمنى لو يتحقق.


اليوم الثقافي: في حال قابلك الوجهان من عملة المتلقي الساخط والمثني ، ما الذي أحنق الأول؟ وأعجب الثاني فيها؟

- بعضهم لم يعجبه العمل؛ لأنه رأى أنني تطاولت فيه على خصوصية الموت من ناحية اعتقادية، وبعضهم كان يراه عمل تزلف أو طلبا للصعود. أما الذين أعجبهم فلأنهم لم يكونوا يتوقعون أن أحدا سيكتب عن شخصية كهذه بهذا التجرد والنظر الأفقي، وبهذا الالتزام . وعامة، هذا ليس قولي في العمل، ولذلك ليس علي منه سوى ذنب نقله إليكم.


اليوم الثقافي: تجربة توقيع الكتاب للقراء حديثة على الصعيد المحلي، كيف لمست تجربتك إبان معرض الرياض الدولي مع المتلقين؟

- لمست أنها تجربة سعيدة، هل تعلمين، عندما يصحو العريس في صباحية زواجه، يتمنى أن لو تزوج وهو لا يزال في رحم أمه، وهذا ما شعرت به في صباحية توقيع أسبوع الموت.


اليوم الثقافي: انتقاء دار المفردات المحلية في وقت يعد فيه النشر الخارجي أجذب للأسماء اللامعة حالياً لأسباب متعددة، ما الذي أغراك فيه؟

- أفضّل النشر المحلي، لأن الإقبال على ما يطبع في الخارج لأنه طبع في الخارج فقط، يعد بالنسبة لي بلاهة يقدم عليها الأذكياء.


اليوم الثقافي: التقاط المبدع الفكرة بمصادفة لم يتوقع تداعياتها تقوده لما لم يظنه بدءًا.. هل تعد عاملاً يؤزم إنجازه التراكمي على المدى البعيد؟ أم تفتح انتظارات من قِبَل القارئ لما قد يتأخر أو لا يجيء من المبدع أصلاً؟

- نعم، الإبداع في مجمله نتيجة لصدمات غير متوقّعة، لأن الأديب هو شخص مثل كل الأشخاص، لا يؤثر فيه الاعتيادي بأكثر مما يؤثر فيه اللافت والغريب، فإذا كنا نعتبر أن اللافت والغريب والمؤثر بمثابة المصادفة، فهو حقا كذلك: يحتاج الكاتب إلى صدمة مصادفة ليجد موضوعه الخلاق.


اليوم الثقافي: هل تقاطع عبد الواحد الأنصاري مع خيوط مشهد قادمة؟ ما الملامح التي تشكلت منه إلى الآن؟

- لدي كتاب سيرى بعنوان (المزج) أرشيف مبكّر، أنفض فيه عن كتفيّ غبار السنين الثلاثين التي سوف أبلغها عما قريب. ورواية بعنوان (يهيم مقطوع الرأس) ومجموعتان قصصيتان. والله أعلم بما يأتي به الغيب.