وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الاثنين، ربيع الأول ١٩، ١٤٢٧

تغطية// مسرحية "أخيرا عدنا" تردم الهوة بين المرأة والمسرح

الاثنين 19 - 03 - 1427هـ

الموافق 17 - 04 - 2006م

وسط حضور جماهيري ضعيف
ا"أخيراً عدنا".. تردم الهوة بين المرأة والمسرح

الرياض - منال العويبيل





بوستر عرض (وأخيرا عدنا)0


كثيراً ما ترتبط البدايات المتأخرة بنظرة قاصرة تستحضر فكرة من قبيل: أميّة كهلة ترغب في التعلم، إلا أنها رغبة صادقة في كسر الحاجز النمطي الذي يحصر وجوهاً عديدة من الفنون خلف حُجب المشبوه والمرفوض دون أي التماس لتسييسه بما يناسب وضع المجتمع، بهذا جاءت أول مسرحية سعودية نسائية تحت عنوان: ( وأخيراً عدنا ) أول مسرحية تجيزها وزارة الثقافة والإعلام كمحاولة بكر لردم هوة بين المتلقيات و(أبي الفنون) ، واللاتي لم يتسن لهن قبلاً حضور عروض مسرحية محلية، سوى عرض لنفس المسرحية تحت اسم: (وأخيراً عادوا) بطاقم تغير بعضه.
أقيم العرض الأول يوم الأربعاء على مسرح مركز الملك فهد الثقافي في مدينة الرياض، بحضور قليل يعزى لتواضع الإعلان عن المسرحية وأوقات عرضها بما يكفل استقطاب العديد من الراغبات بنهاية أسبوع تكسر تقليدية إجازتهن في العاصمة.

وسط تحفّز من الحاضرات وحماس عدد من الأطفال الذين حضروا مع أمهاتهم بدأ العرض في تمام التاسعة مساءً بتأخير وصل إلى نحو الساعة عن الوقت المفترض، وهو ما فسّرته مديرة الإنتاج رهام زكي بانتظار لحضور متوقع من قِبل جمعية الأيتام.. وقد تميز المسرح بمؤثرات فنية مميزة للإضاءة والصوت، وديكور اُعتني بظهوره بما يناسب الجو الاجتماعي للمسرحية، إلا أن إضافة خلفيات غرافيكية على جدران محيط العرض - وإن واكبت هذا الجو- أضفت حساً ناقض واقعية الموضوع.

وبناء على الوصف المدرج في البروشور جاءت المسرحية بطابع كوميدي اجتماعي ساخر، لامس عددا من الموضوعات في المجتمع بدءًا من العنوسة، والخلافات الزوجية، وسطوة الخادمات، في قصة قدمتها (نورة العبد الله)، وصاغ السيناريو والحوار لها (محمد خلف)، وأخرجتها (مها العنزي) التي شاركت كذلك في البطولة، بطرح جاذب ضُمِّن في قالب فكاهي أجادت تمريره الممثلات، خاصة مها العنزي (في دور تهاني) بحس عال تفوقت فيه على زميلاتها مقارنة بأنها التجربة الأولى، وأغادير السعيد (في دور الخادمة)، إلى جانب حضور مميز لنجمتي (طاش ما طاش): شيرين حطاب(في دور عبير) والتي عرفها الجمهور في دورها الملازم لشخصية فؤاد في المسلسل المذكور، وأمل حسين (في دور غادة)، إلى جانب نادين حلواني (في دور سحر)، وأخيراً الطفلة ريم التويجري.

دارت الحبكة حول (تهاني) الزوجة المدللة التي تقود صديقتيها (غادة) و (عبير) إلى اعتصام في منزل والدتها، يقاطعن فيه أزواجهن بسبب ما اعتبرنه إساءة لفرط دلالهن ومتطلباتهن التافهة التي تنم عن استهتارهن بمسئولية الحياة الزوجية، مما قادهن لهذا الاعتصام والمقاطعة التي شملتء اعتزالهن لكل ما يمتُّ لعالم الذكور بصلة، شاملاً ذلك الأطعمة والأشربة وكافة الكماليات ذات الوصف المذكر وسط مقالب لفك المقاطعة من قِبل الخادمة (ماريا)، وسخرية واستنكار من الأخت الصغرى لتهاني والأوسع أفقاً (سحر)، والتي يجدر الإشارة إلى تواضع أدائها إزاء المشاركات الأخريات بما لم يوافق أهمية دورها، وهو ما اتضح في عنايتها بتفاصيل جانبية تنم عن قلة خبرة، كتركيزها على المظهر مما شتّتء جدية أدائها بما يناسب دورها.

وتجاوزاً عن كونها التجربة المسرحية الأولى يجدر إلقاء الضوء على بعض الحيثيات التي يجب أخذها في الاعتبار، من منطلق أن مكاشفة الأخطاء تعد الكفيل الوحيد لتجاوزها تالياً، فقد وُجدت بعض الثغرات في النص، خاصة في الخط الزمني للأحداث، والتوجه الخطابي في بعض الحوارات، من قبيل مصارحة الذات بأخطائها، وهي المرحلة التي تصل إليها البطلات في نهاية العرض كأكليشيهات مباشرة لا تُحكم وصولها للمتلقي برسالة تترسخ بقدر ما تَعبر، خاصة أن حداثة هذا التوجه الفني عبر المسرح تحتاج إلى التقاطع مع الجمهور بتأثير حقيقي يحفّز للاستزادة منه.
إضافة إلى دور الطفلة (ريم) التي أُقحمت فكرة حضورها في دور المعاقة دون أي سياق يخدم هذه الفكرة، أو يتعرض لهذه الفئة بهدف محدد.

في حوار سريع تحدثت لـ ( اليوم ) مها العنزي بطلة ومخرجة المسرحية، والممثلة أغادير السعيد، وأوضحتا حماسهما للعرض رغم قلة الحضور، وهو ما توقعتاه بسبب ما لاحظتاه من تواضع الإعلانات عن العرض في الصحف، وتعقب (أغادير) على ذلك: تمنينا على الوزارة تكثيف الإعلانات بطريقة أكبر وأكثر جاذبية، تستقطب الجمهور ، خاصة أن العرض مقتصر على نهاية الأسبوع، ولا يخفى على أحدٍ كمّ الارتباطات والمناسبات العائلية في هذا التوقيت.

وعبرت أغادير عن سرورها لاستئناف التجربة بعد عرض المسرحية إبان عيد الفطر، خاصة أن هذا الاستئناف جاء بناءً على مطالبة الجمهور، ورغبته في تفعيل المسرح النسائي طوال العام.

وهو ما أكدته (العنزي) بأن الجمهور متلهف لهذا الفن لأنه يعلم أي متعة وقيمة يمكن تقديمها دون تجاوز لتقاليد المجتمع. وحول الانتقادات التي قد توجه للعرض، أو سبق أن واجهتهن تخبرنا (أغادير) بأنها لم تصادف أي انتقاد أو استهجان حالياً أو في فترة العرض السابق، بل إنها لن تنسى إصرار بعض الحاضرات على القدوم خلف الكواليس لتحية الممثلات شخصياً متمنيات المزيد مما يقدمنه.

ومن منطلق ولاء المجتمع الأول للتلفزيون، وبعد ما تردد بين الجمهور من أمنية باستقطاب حضور (مها العنزي) و(أغادير السعيد) المفعم بخفة ظل ستثري أشهر سلسلة كوميدية سعودية (طاش ما طاش)، تجيب (العنزي) بأن الأمر غير وارد لديها، حيث إنها لا تفكر في الاتجاه إلى الظهور التلفزيوني. كما أنها تعي أن هذا الجهد في المسرح لن يطاله أي قبيل من التوثيق، إلا أنها تجد أن لذة الوصول للحاضرات بفكرة وبسمة كافية بالنسبة لها، ومغنية عن أي توثيق.
كما أننا - كما تضيف - نضع نصب أعيننا الاستمرار، كون هاجس التوقف أو (الإيقاف إن أمكن الوصف) ظل مطارداً لنا طوال فترة التحضيرات، هذا الاتكال ينصب على ردود فعل الجمهور التي ستشجع الوزارة على دعم هذا الاستمرار، إلى جانب الاهتمام الإعلامي، كوننا نعتمد في القادم على طرح أعمق وأكثر اقتراباً من مشكلات أعمق مسكوت عنها، وهي مرحلة سنصل إليها حين يثق الجمهور بأن المسرح لن يشرخ تقاليده بقدر ما سيساعده في وضع اليد على الجرح، إلى جانب ما يقدم من متعة هادفة، فنحن غير مهتمات بمجرد العبور دون إيصال رسائل تعني المجتمع.

وحول حيثيات مهمتها المزدوجة بين الإخراج والتمثيل في نفس الوقت تقول: كان الأمر سلساً، خاصة بمشاركة محترفتين كشيرين حطاب وأمل الحسين، إلى جانب خبرة أغادير السعيد كإذاعية، فاتساع أفقهن الفني سهّل المهمة عليّ كثيراً، ولا أخفيك أن عدداً من المواقف والمعالجة للأحداث تعاونّا عليها بطريقة حميمية، ولا شك في أنكم شعرتم بها كجمهور، بحس أقرب للارتجالي دون أن نحاول الاتجاه إلى الإسفاف أو الابتذال في الأداء.

وحول من قد يزايد على فكرة أن المسرح النسائي سيكون منفذاً لمذموم، كمشاركة قادمة للعنصر الرجالي، أو الاتجاه للتصوير، ترد: كلنا ثقة بأنه لا يصح إلا الصحيح، إذ إن هدفنا واضح ومحدد بخصوصيته، ولن تعيقنا افتراضات لا تتجاوز الثرثرة، فقط ستعي تالياً صحة ما نقدمه، فعملنا هو إثباتنا الوحيد على نبل هدفنا. وعلى سبيل المثال أُعد نص المسرحية بسياق لا يتطلب حضور رجل، بغير حضور صوتي لمكالمة من زوج (تهاني) في آخر المسرحية لا أكثر، أُعدت مسجلة.
وعلى العموم لن يعي تقديم عالم المرأة همومها وأفكارها سوى امرأة مثلها، وهو ما نرغب في تقديمه أصلاً.

كما أعلنتا عبر ( اليوم ) عن مشروع قادم لانتقال العروض لعدد من المدن خارج الرياض في أبها، وجدة، وغيرهما، كمرحلة منعشة للمسرح النسائي عبر المملكة، إلى جانب مشروع مسرحي يجري الإعداد له بحيث يجهز للعرض فترة الصيف.

على صعيد آخر رعت العرض الأول حرم وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشئون الثقافية د. عبد العزيز السبيّل، وبعض الإعلاميات، كما حرص فريق الإنتاج على تقديم لفتة تجد رواجها لدى عديد من الناس في تقديم سحب على جوائز قُدمت في نهاية العرض.إضافة إلى أن فكرة فتح الحضور المجاني وتحديده بنهايات الأسبوع لمدة ثلاثة أسابيع قادمة يُعد عاملاً يُحسب لفريق إعداد المسرحية.